Connecté en tant que :
filler@godaddy.com
Connecté en tant que :
filler@godaddy.com
في فندق كليوباترة بالغردقة( الصورة الأولى والتانية)
في ملهى ألف ليلة وليلة (3)
متحف الآثار بملهى ألف ليلة وليلة(4)
السفر للغردقة
أخذن الطريق بالحافلة الصغيرة عبر الطريق الوطنية ،حيث جمال الواحات يعكس تنوع الطبيعة بين ضيعات فلاحية وجبال حجرية ذات لون أغبر.
وصلنا الغردقة وصيتها ذائع ونزلنا في فندق كليوباترة وهو يتميز بالجمال والفخامة وكثرة المسابح .بعد استراحة تفقدنا حدائق الفندق وبعض مرافقه وكان بانتظارنا جولة في قلب المدينة ،بين متاجرها ومنها المتخصص في التذكارات المصرية.
بعد العشاء توجهنا للسهرة في ملهى ألف ليلة وليلة،كانت له حلبة للاستعراض وتسليط الأضواء على المجسمات التي تميز آثار مصر. قبل أخذ مقاعدنا للفرجة،زرنا المتحف حيث شاهدنا تمثال توت عنخ آمون وتمثال حتحور وتمثال إيزيس ورأس تمثال للإلهة موت زوج الإله آمون ورأس تمثال الملكة نفرتيتي زوج الملك أخناتون إلى غير ذلك من الذاكرة التاريخية للحضارة الفرعونية.
بعد أن أخذنا مقاعدنا،تمتعنا بعروض فنية مختلفة وتمت تحيتنا بحمل العلم الوطني للمغرب،خلال الاستعراض وكانت التفاتة كريمة طيبة من إدارة الملهى.
تابعنا المقام بالغردقة زيارات ومتعة، بين أسواق تقليدية وحديثة وسهرات لطيفة بالفندق.
بعدها توجهنا لمطار الغردقة من أجل السفر لشرم الشيخ.
تميز كتاب "حكمة الجنوب" بقلم الكاتب والمدرس المغربي رشيد خويا، باللغة الإنجليزية، كإضافة ثرية ومميزة للمكتبة الثقافية المغربية. يُعتبر هذا الإصدار الرابع للكاتب، الذي يحمل عنوان "حكمة الجنوب"، خطوة مهمة في رحلته الأدبية، حيث يتجلى فيها اندماج اللغة الإنجليزية مع الطابع والروح الفنية المغربية. من خلال صفحاته، يقدم رشيد خويا لقرائه لمحة مذهلة عن ثقافة وفلسفة الجنوب المغربي، ممزوجة بقوة وجاذبية الأدب الإنجليزي. يتناول الكتاب مواضيع متنوعة تشمل الحياة والموت، والفلسفة والروحانية، والجمال والقبح، مما يضفي على قراءته قيمة عميقة وتأملات شاملة للحياة والكون. رشيد خويا، الأستاذ المتميز للغة الإنجليزية بمدينة العيون، يواصل براعته الأدبية من خلال هذا الكتاب، الذي يُظهر تجربته الثرة ورؤيته الفريدة للحياة والعالم. يتناول الكتاب مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي تتعلق بالفلسفة والثقافة والعلم، مما يعزز الفهم العميق والتأمل الواعي للواقع والوجود. هذا الكتاب ليس مجرد مجموعة من الكلمات، بل هو دعوة لكل متعلم ومدرس للغة الإنجليزية للاستمتاع برحلة عقلية وروحية. يهدف الكتاب إلى تحفيز التفكير الإبداعي والتحليلي، وتعزيز المهارات اللغوية والفكرية للقراء من جميع الأعمار. بين صفحاته، ينطلق القارئ في رحلة مثيرة نحو استكشاف أعماق الذات والعالم الخارجي، مستفيدًا من عبقرية الكاتب في تقديم الأفكار بأسلوب شائق ومفيد. يعتبر "حكمة الجنوب" مصدرًا غنيًا بالمفاهيم الإيجابية التي تعزز الأمل، والتفاؤل، والطموح، والتميز. يتحفز القراء من خلاله على التساؤل والتفكير الإبداعي، ويُلهمهم لاستكشاف عوالم جديدة من الفكر والخيال. في صفحاته، يتجلى تميز الكاتب في نقل رسالة إيجابية مشحونة بالحكمة والإلهام، ما يجعل القراء يترقبون كل سطر بشغف وترقب. تناغمت الكلمات في الكتاب لتصنع لوحة فنية تنبض بالحياة والإيجابية، تنير طريق كل من يمتطي رحلة الاستكشاف والتعلم من خلاله. يُعد "حكمة الجنوب" مجرد كتاب، بل هو رحلة ممتعة ومثيرة في عالم الفكر والإبداع. يعتبر الكاتب رشيد خويا براعة في تقديم محتوى غني بالفلسفة والحكمة والجمالية، مما يجعل القراء يستمتعون بتجربة قراءة مميزة ومفيدة. بين صفحات الكتاب، يتجلى تنوع المواضيع وغنى الأفكار، مما يثري ذهن القارئ ويثير فضوله لاستكشاف المزيد. يتألق الكاتب في توصيل رسائله بأسلوب شيق وممتع، ما يجعل القراء ينغمسون في عوالم الكتاب ويتفاعلون مع كل فكرة ومفهوم. في النهاية، يجسد هذا الكتاب الروح الفنية والثقافية للمغرب بأسلوب متميز وفريد، مما يجعله إضافة لافتة وقيمة للمكتبة الثقافية العالمية. تتجلى أهمية هذا العمل في تعزيز التفاهم الثقافي والحوار بين الثقافات، وفتح نوافذ جديدة للتفكير والإبداع على مستوى عالمي.
زكية خيرهم
"لحظات معراج"، بين الحلم والواقع
للشاعرة خديجة بوعلي
حول المتعالية النصية :
من عادة المبدع أن يختار لعمله عنوانا مناسبا، تراعى فيه، قبل أو أثناء وضعه، مسألة الاختصار والتكثيف وجمال الصياغة، حسب ما تتطلبه طبيعة الموضوع المطروق. وكون العنوان يعتبر مفتاحا يمكن من فهم النص الأصلي، وسبر أغواره، فإنه يكسبه أهمية قصوى لدى القراء من الأدباء والنقاد. هذا وقد أجمع المهتمون بالموضوع، على صعوبة اختيار العنوان، بل رأوا فيه أمرا بالغ التعقيد، لأن ما يراعيه كاتب قد لا يراعيه كاتب آخر. ولذلك اختلفوا فيه أثناء وضعه، بين عنوان مستفز وآخر سهل ممتنع. إلا أن أهم ما يجب أن يراعى في هذا الاختيار، هو ذائقة القراءة واستنفار القراء. على هذا المنوال سارت الشاعرة خديجة بوعلي في اختيارها ثريا نصها وعنوان أضمومتها الشعرية : "لحظات معراج".
إن العنوان، المرتضى بهذه الصيغة، هو عبارة عن تركيبة إضافية، أضيفت فيه "لحظات"النكرة إلى معراج النكرة أيضا، على غير معتاد التركيبات الإضافية التي يفترض، أن يعمل العجز فيها على إعطاء الصدر بعدا معرفيا، بغية إفادة معنى النسبة والتخصيص، مما يفرض نوعا من التأويل بغية إيضاح هذه التركيبة، رغم إيجابية تزاوج البعد النحوي والبلاغي فيها، وإسهامهما في إكمال دلالة صيغة "لحظات معراج" مبنى ومعنى. وما كان لهذا أن يتححق لولا وعي الشاعرة وإدراكها لأهمية تنكير معراج داخل هذه البنية التركيبية المقترحة، والتي تدعونا على التو، إلى تحديد مواقع عناصرها الإعرابية. ذلك ان لفظ "لحظات" جاءت مرفوعة على جهة الابتداء لخبر مقدر محذوف، أو على جهة اعتبارها خبرا لمبتدأ محذوف، نقدره بضمير "هي" في بداية الجملة، فتكون كلمة "معراج" مجرورة بالإضافة، مكملة للمبنى والمعنى في الحالتين معا. إن كلمة "معراج" النكرة، المشتقة من جذر عرج، مرتبطة أساسا بسفر افتراضي، محدد سلفا بزمن "لحظات" عرجت الشاعرة بموجبها، نحو الارتقاء من واقع مهترئ، مدان وغير متحمل، إلى عالم بديل متخيل ومحتمل، موسوم بمعاني الطهر والنقاء والصفاء. ومن شأن هذا الانتقال أن يغير أفق انتظار المتلقي، بشكل يساعده على إدراك معنى الحياة ويؤمل إشراقتها، ويعده لما يرتقب من الإمتاع وتذوق الجمال، بديلا عن معيش مليئ بما لا يطاق من إكراهات نفسية واجتماعبة. إنها المفارقة التي حاولت الشاعرة السورية أحلام حسين غانم، أن تعزف على أوتارها في تقديم مستفيض لهذا الديوان بعنوان مفاده :" الشاعرة المغربية خديجة أبو علي، فوق الواقع في لحظات معراج". إن حديثنا عن مصطلح معراج النكرة هو غير حديثنا عن المعراج المعرفة، ذلك أن الأول مشتق من عرج المشتاق يعرج عروجا، أي صعد يصعد صعودا، وهو غير المعراج المشتق من عرج يعرج، مرادفين لفعل أصعد يصعد، المرتبطين برحلة الإسراء والمعراج، لحظات صعود النبي(ص) من عالم الأرض إلى عالم السماء، وصولا إلى سدرة المنتهى، ثم الرجوع إلى المسجد الحرام. يقول تعالى :
"والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيايات ربه الكبرى"(سورة النجم. آيات.18/1)
وبالرغم مما يوجد من تداخل ملحوظ بين مشتقات ملفوظ معراج والمعراج ، فإنهما يختلفان من حيث طريقة الصعود والارتقاء. ذلك أن "معراج" الشاعرة إنما هو ارتقاء إلى "سدرة المشتهى" حين يحضرها مس من جنون الكتابة، فتضطر إلى الارتقاء إلى عالم التخييل، وتؤثث معالم قصائدها بما يلزم من مقتضيات عوالمها، مجملة بشعرية اللغة وشاعريتها، مضمخة بصور بلاغية أثيرة ومتفردة. وبالتالي فإن معراج الشاعرة في"لحظات معراج"، هو غير مصطلح المعراج في دلالته وأبعاده في سورة "المعراج" وغير ما اعتمده صلى الله عليه وسلم في الصعود إلى سدرة المنتهى. يقول تعالى :"سال سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"(سورة المعراج. آيات: 4،3،2،1). ولعل مرد هذين الاختلافين، كما أسلفنا، هو جذر الفعلين ومصدرهما. فالأول من مصدر العروج أو الصعود ومنه المصعد والمرتقى، الذي يعتمد فيه المرتقي عبر عروجه، على مؤهلاته الذاتية صعودا ونزولا. بخلاف العروج أو الصعود المشتق من أصعد يصعد إصعادا، الذي يعتمد فيه المرتقي على مساندة من يعينه على الصعود والارتفاع إلى السماوات..
تلك كانت فاتحة لا بد منها، قبل مقاربة نصوص الديوان.
1- بناء الديوان :
بني ديوان "لحظات معراج" على خمس عتبات :
أ - عتبة عنوان "لحظات معراج"، التي صيغت على شكل تركيبة إضافية مختارة ومحددة، كما أسلفنا.
ب - عتبة الإهداء : التي خصصتها الشاعرة لمخاطبة الأنثى بصيغة المفرد / الجمع، تكشفت معالمها في متوالية رسائلية، توجت بمخاطبة أختها أمينة. تقول في شأن هذه المتوالية النصية :
" إلى التي أطفأت..
إلى التي ظللتني..
إلى التي ترممني..
إلى التي أبعدتني عنها الحياة..
إلى توأم روحي أمينة بوعلي.
(الديوان: الإهداء ص:3)
هذه الأصوات الصائتة الصاخبة المتعالية، ومثيلاتها من اصوات داخلية صامتة، هي التي تشكل بتعبير أحلام حسين غانم، "صدى لصرخة أنثى"، في تضاد مع القوى الذكورية المناهضة لطموحاتها وآمالها المسطورة.
ج - عتبة المقدمة : من وضع الشاعرة السورية أحلام حسين غانم، الموسومة بعنوان : الشاعرة المغربية"خديجة أبو علي فوق الواقع في لحظات معراج"
د - قصائد الديوان : التي يبلغ عددها ثلاثين قصيدة، تتصدرها قصيدة "لحظات معراج"، بؤرة الديوان، وديدن الشاعرة ومصدر اهتمامها قبل ان تنتهي بقصيدة"أستعير بقايا نجمة"
ه - الغلاف الخلفي : حيث أعادت الشاعرة كتابة عتبة العنوان. وتحته كتب بخط مضغوط، مقطع من قصيدة : "أقبض الريح بيدي". تقول الشاعرة في مستهل مقاطعه :
كان للريح جناحان
يحملاني كلما هويت من أعلى انتظار
والجدير بالذكر أن الريح المفردة، غالبا ما تستعمل للتعبير عن جزاء العقاب لشدة تدميرها. يقول تعالى : "فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات" (سورة فصلت آية. 16 )، بخلاف الرياح التي غالبا ما تستعمل لجلب نعم الرحمة والخصوبة والخير العميم، كما في قوله تعالى: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين) سورة الحجر. آية 22). وقد استعمل الشعراء المصطلحين معا، فوظفوا كلا من الريح والرياح للجمع بين الأغراض الإيجابية والسلبية حسب السياق. فالريح التي تمحو معالم الأطلال في الشعر الجاهلي، إنما هي ريح مرتبطة بشعر الغزل. وهي غير الريح العاتية التي لا تبقي ولا تذر، أو رياح الثورة كحركة اجتماعية تهب على الأقطار بعد إرهاصات تحرر شعوبها. ومن ذلك قولنا : هبت رياح الثورة إيذانا بوضع اجتماعي جديد ومتغير. هذه الريح/ الروح هي نفسها التي تملكت الشاعرة فافرزت مخاضا سمته لحظات معراج.
ب - تقنية التكرار :
يزدهي بناء قصائد "لحظات معراج"، فضلا عما سبق، بتقنية التكرار، ممثلة في مجموعة من اللوازم. حيث اللازمة ظاهرة أسلوبية طالما ميزت الشعر العربي قديمه وحديثة. وهي عبارة عن بيت أو فاصلة موسيقية تتكرر في آخر أو بداية كل مقطع شعري من القصيدة، وهو نوع من الأساليب اللغوية التي يلجا الشاعر إلى استعمالها، فتثير القارئ والمستمع، بعد ان يكون المبدع قد راهن فيها على قدر كبير من حسن الصياغة وجمال الإيقاع. إنها تقنية من تقنيات الكتابة الشعرية، التي تروم إفلات الشاعر من أزمة التوتر النفسي حين يلاحقه، أو التخفيف منه على الأقل. وتختلف اللاوازم من حيث نوعها وأغراضها، وطريقة استعمالها من شاعر لآخر، تبعا للإيقاع الذي يتبناه، ولما ينتابه من دفقات شعورية تتيح له الخلاص من إكراهات الواقع. وهذه كانت مقصدية الشاعرة خديجة بوعلي، حين صدحت وأجهرت بالقول فتعالت أصواتها بين سفوح جبال الأطلس وقممها الشامخة.
وباستعمالها لتقنية التكرار هذه، تكون قد شنفت أسماع القراء بسمفونية راقصة، تتوق إليها كل النفوس التواقة إلى الحسن والجمال، نتيجة ما تملكه الشاعرة من طاقات شعرية متفردة، تنشرح لها النفس و ينفتح الوجدان.
ومما يميز قصائد الديوان أيضا ما ورد فيها من لوازم أخرى نذكر منها :
* لازمة "إلى التي". وقد وردت في الإهداء اكثر من أربع مرات.
* لازمة "أذكرك"، التي تكررت في قصيدة "لحظات معرات"، عشر مرات.
كنا هناك
كنت هنا
كنت هنا
قصيدة "ما عاد للروح ملاذ"
* لازمة "الرحيل"، التي تكررت في قصيدة "منحى الرحيل"
أربع مرات.
* "لم تنتبه" التي تكررت في قصيدة "العمر سيل جارف" أربعة عشر مرة، التي تعاتب فيها المخاطب على غيابه هناك.
* "ذات غباء" التي ورد تكرارها في قصيدة لعنة غباء خمس مرات.
أما في قصيدة "الحرية"، فقد وردت لازمة الحرية، في بداية الأشطر ثماني مرات، باستثناء ص: 66، التي شكلت سطرا مستقلا.
وهكذا يتعدد توظيف مختلف اللوازم لتوكيد ما تراه الشاعرة مناسبا لخدمة المبنى وتطويع المعنى، كما حصل في قصيدة "من غياهب الحصار"، وقصيدة "مرجل عداد" وقصيدة "تلك أنا"، واخيرا قصيدة"أنا لا أحب الآفلين".
وتعد هذه الآليات اللغوية، باختلاف ألفاظها وصيغها، من تقنيات الكتاب الشعرية، التي تمكن الشاعرة من الإفلات من أزماتها النفسية، والانتصار على مثبطات محيطها والارتقاء إلى عالم أحلامها المنشودة.
2 - خطاب "معراج" بين المؤنث والمذكر :
الملاحظ، في خطاب أو حلم "معراج"، أنه موجه للأنثى "وليس الذكر كالأنثى" (سورة آل عمران. آية: 36) بكل ما يحمله من نبرات حزينة، يتؤكد صداه في الإهداء بصيغ متكررة :
إلى التي أطفات حرقة الغياب...
إلى التي ظللتني في أوج الهجير...
إلى التي ترممني بعد كسر
إلى التي أبعدتني عنها الحياة والمسافات...
إلى توأم روحي آمنة بوعلي أهدي لحظاتي المؤقتة.
(الديوان. ص: 3)
قبل أن يوجه بصيغة المخاطب المذكر، الحاضر/ الغائب (أ ذكرك، لم تكن هنا، كنت، سياط الغائب قاسية..ص:21) ، تسترجع فيه الشاعرة بعضا من ذكرياتها، الجميلة أحيانا، وغير المرضية في أحايين كثيرة. تقول بلغة معاتبة :
أذكرك،
ما زلت ها هنا..اذكرك.
لم تكن هنا
كنت مطلا من شرفة
العجرفة
(الديوان.ص: 11)
كما العادة لم تكن هنا...
كنت هناك... ممتطيا
سنا البرق
وصهوة غيمة ملبدة
باللامبالاة
(الديوان. ص: 15)
وباتخاذ الشاعرة الريح معراجا للإرتقاء والتحرر، تكون قد تخلصت من إكراهات الواقع، واستمتعت بنعمة الحركة ونعمة التحليق. مما انعكس إيجابا على موقفها من العالم. تقول الشاعرة بلغة حالمة، تجمع بين الدهشة والحسرة والرمز والجمال، مؤكدة على ما ينتظرها من تحول مرتقب :
كان للريح جناحان يحملاني
كلما هويت من أعلى انتظار
يأخذاني على متن شعاع فجر
******
من قص للريح جناحان؟!
قدماي مشدودتان بمرساة في قعر طين مبلل
يداي مثقلتان بأصفاد من حجر(الديوان. ص: 94)
ونكاد نجزم أن ليس هناك عمل أدبي لا يتأسس على الأحلام. فكثيرة هي الأعمال التي تبنى عليها أحلام وآمال أصحابها. ومنها أعمال النساء المبدعات، سواء تعلق الامر بأحلام النوم أو أحلام اليقظة. وأجمل ما فيها أن يستمر الإنسان في حملها على الدوام. وكثيرا ما تأكدت علاقة المبدعين بالحلم/ الكتابة/، يكفي أن نذكر منها : "إلياذة"، و"الحرب والسلم"، و"الجريمة والعقاب".. إلخ. وكأن السابقين قد تنبأوا بما ستعرفه أعمال فرويد من انتشار، وما ستحمله أعماله من أحلام، فكان لا بد ان يستثمرها اللاحقون ويخذوها ملجأ للهروب من الواقع.
وبناء على تحليق الشاعرة، وانتقالها من عالم الناس إلى عالم الحرية والإبداع، ستتجدد علاقة الإبداع بالحرية، وتنضح تلك العلاقة المتينة ببن عالم الكتابة وعاام الأحلام. تقول الشاعرة عن تصورها لمفهوم الحرية :
الحرية
باحة طويلة... عريضة
سراجها وهاج ينثر النور
في كل الجوانر
(ص: 64)
الحرية أن يتدفق الحبر
من أغوارك
(ص: 65)
الحرية... كل الأماكن صالحة للركض
( ص: 56)
الحرية
حلم يتلألأ ينير سراديب الشجون
يكسر الأصفاد
( الديوان. ص: 66)
إنه بمجرد ركوب الريح، مفردة كانت أو جمعا، يسود العالم هم وغم، وتسقم النفوس، وتدور الدوائر على الحيوانات وباقي الكائنات، ويسود الظلام، وتنتهك حرمات الناس، وييبس الزرع والثمار ويتجدد الوباء والبلاء ( ابن كثير. قصص الأنبياء. 284/ 2 بتصرف)
ومن حسن حظ الشاعرة أن هبت عليها رياح رطبة، غير مزمجرة، ساعدتها على الصعود والإرتقاء أثناء لحظات معراجها، مما سهل عليها ركوب سفينة الخلق والإبداع، فتنفست الصعداء عبر سماوات النسائم ، وتمكنت من تحرير نفسها من قيود الواقع. فرياحها، لحسن الحظ رطبة، عكس رياح الغرب المدمرة، المرادفة للعواصف والأعاصير. يقول الشاعر عن ريح الغرب :
" آه يا ريح الغرب المتوحشة تهبين أيضا خريفا" ( من قصيدة "الرياح" ترجمة د. سعيد بوخليط. من قصيدة "الرياح" كاستون باشلار من قصيدة "إلى ريح الغرب". نشر بتاريخ 29/9/2023.
3 - على جناح الذكريات والأحلام وما بينهما :
ونحن نقارب "لحظات معراج"، متحملين عبء رحلتها الجنيلة، طوقتنا ثنائية الحلم والواقع، وهي ثنائية طالما حاصرت الكاتابات االمبدعات، فعشن جراءها بين مطرقة الواقع، كمعيش يومي متدن وملتهب، وسندان حلم طافح بالأماني والآمال، سما بهن إلى عالم بديل، كل همهن فيه، ان يحظين بالتحرر والانعتاق. هذا وقد ركب الحلم/ الكتابة، كثير من الشعراء والشواعر، فوجدوا ضالتهم فيه. يكفي ان نشير إلى شاعرتين معاصرتين، نهجتا على غرار حلم الشاعرة خديجة بوعلي في معراجها. تقول الشاعرة فاطمة الزهراء الخمليشي في ديوانها"حلم سما بي":
سنة من نوم
وحلم تأخذني
إلى الأعالي
في عنان السماء
أعانق النجوم الثاقبات
أطل على الأرض
من أعالي فضاء.
(فاطمة الزهراء الخمليشي. ديوان. "حلم سما بي". مطبعة وراقة سجلماسة. الزيتون.مكناس..ص: 38)
وسوف تمتطي الشاعرة نبيلة حماني نفس المطية في"على ضفاف الحلم"نفس المطية حيث الحلم طهر وخلاص من المدنس، حيث تقول :
سأغفو فوق ضفاف الحلم عمرا
واهفو أن اصير الطير حرا
سأعدو حيث فوح الورد يأتي
عبيرا من جنان القلب..بشرى
وأحيى في جنوح الحلم حينا
وأنأى عن سيول الجرح دهرا
نبيلة حماني. ديوان :"على ضفاف الحلم" مطبعة وراقة بلال. الطبعة الأولى 2024. ص: 91
وعلى نفس الحلم، ستوطد الشاعرة خديجة بوعلي العزم في "لحظات معراج"، على بلوغ حلمها عبر منحيين : * منحى استرجاعي تستعيد فيه الذكريات الماضية وما هو في عداد الاستشراف بهيبتهما وأثقالهما، إذ تقول :
كما العادة ...لم تكن هنا
؟؟ مطلا من شرفة
العجرفة.(ص :15)
وتقول عن ماضيها يوم تسلحت بعزيمة فولاذية لا تلين :
منذ البدء...
منذ البدء كنت...
نعلاي من ورق الجد...
أرهقت الزمن ركضا
ما استسلمت.
وتضيف قائلة :
نستشرف الفجر
ننآى عن العباب..عن الزبد(ص:85)،
* ومنحى استباقي تنبئي، منفتح على ممكن الكتابة في غمار لحظات معراج. فلا نهاية لأحلامها ولو على المستوى الزمن المنظور.
وأخيرا يمكن اعتبار ديوان "لحظات معراج"، للشاعرة خديجة بوعلي، علامة فارقة في الشعر المغربي والعربي، إذ بلغته الأنيقة وصوره البلاغية الماتعة، تورق المكتبة العربية وتزدان. فقراءاته المصغية والمتعاقبة تجلب الإمتاع والمؤانسة، وتجلب لذاذات القراءة ونعما أخرى. فعيشوا لحظات معارجه، وارتقوا إلى حيث الفضاءات الحالمة.
د.عمرو ݣناوي
التماهي فكرة حدستها ثم اقررتها:
"من زهرة إلى أخرى اتماهى
فرلشة توزع ألوانها
في عيون من يراها
وتنساها "(ص 140)
*************
شاعرة تتوسد الرؤى والأحلام
الرؤى والأحلام تتوسدها
تصول تجول بليلها
علها تصبح شاعرة مثلها
اتبعوني اتبعوها
وحين يركبها رأسها
يعصي اوامرها
تجدها في الصبح
تشدو للطيور جذلى
ترتق الحلم الهارب
فالحلم كالبرق إن رأيته لا تمسكه
أحلام الشعراء دائما تروق
لكنها خاطفة شانها شأن البروق ص141، 142،143و144 بتصرف ).
إلى ماذا يهفو القول؟.أولا، إلى أن الشاعرة نغمة صاعدة من الحياة وعاشقة لها عشق هيرقل الذي صفى الحساب مع أعتى واشرس الحيوانات حرصا على الحياة ورعاية لها. ثانيا، حضور الاستقساط الأربعة: الماء، النار(الشمس )،التراب والهواء(الريح )كعناصر أو مادة في كيمياء شعر الرقصات. إن انبعاث الشعر من هذه العناصر كانبعاث الحياة منها. هذا ما يصدح به "نشيد الحياة "(ص 158):
"أعبر تتبعني إليك الصباحات
تقول كعادتها بكفي ستلقاك المساءات
أعبر
توزعني النايات على الطرقات
علها علها
تستيقظ من سباتها الطويل
وتهفو إليها الفراشات
***
أعبر الوقت
تارة
اعد مداه € الزمن الفزيائي
وتارة اتجاهله فيعبرني
كانما بي يحد خطاه € الزمن النفسي الحيوي(الديومةla durè 'Bergson ).
من الضد ينبثق الضد ويخرج ليحيا حياة أخرى "فالبنار تشفى الجراحات ويلتهب الشجر والسحائب كلما اكفهرت يكون من جواها المطر "( ص82).
"لا عليك اتبعيني(عنوان قصيدة(ص 81)
اذا اختلطت بين عينيك الطرقات
سنطير بعيدا بعيدا
ألى الأعالي
حيث يستريح القمر(ص82 و83 ).ثالثا، الانسياب، انسياب الكتابة الشعرية الماء بنساب في النهر حرا(اشدد على كلمة حر )متلئلئا، في لهف، يجري إلى البحر، وانسياب مع نسيم الوادي في الضحى وعند الأصيل راقص متمايل باقاعاته مع مع الريح والطير والضوء فيتناسق جزءا فجزءا في وحدة سنفونية تديرها الشاعرة بموهبة وملكة مصقولة اهلتها لإخراج هذا المنحز الشعري المتفرد، إنجاز فائق الشدو والشذى، ياخده الولع والوله مقامات وأحوالا، فينفرط حبل العوائق وتتلاشى الحدود والسدود أمام العبور لهذه الرؤيا الشعرية المسكونة بالعشق يتماهى فيها العاشق والمعشوق في مرآة شعرية مجلوة تتراءى فيها صورة توحدها الارقى والابهى ليصبح الإنسان عالما صغيرا والعالم إنسانا كبيرا(ابن عربي ).
سنة 1922 وبوادي الملوك دخل مكتشف الآثار هوارد كارتر مدفن توت عنخ آمون،وهو إبن أخناتون من نفرتيتي وكما هو معروف فقد كان أخناتون فرعون التوحيد.
كان معدن الذهب مثل التراب آنذاك بمصر واشتهرت النوبة وسقارة والأقصر بصناعة الحلي وعندما اكتشف قبر توت عنخ آمون كان في ثلاثة أقنعة ذهبية.
عندما وصلنا وادي الملوك زرنا مدفن رمسيس الرابع وبه التابوث المصنوع من الجرانيت فوق مدخل المدفن صورة قرص الشمس التي ترمز للإله رع.
بعد ذلك زرنا مدفن تحتمس الثالث ومدخله الفخم يؤدي إلى دهليز ينحدر انحدارا شديدا ويؤدي إلى ممر،كان النزول متعبا وهي إطلالة على الممرات والجدران المنقوشة التي لا زالت تحتفظ بألوانها. عدنا من حيث أتيناوأنا أتأمل حلم الخلود لدى الإنسان والشيء بالشيء يذكر،فقد تذكرت قصيدة لي بديوان دخان اللهب حيث خاطبت كوبلايخان( حفيد جنكيز خان) وهو كذلك كان يبحث عن الخلود..
لا يا كوبلاي خان
الجسد يشيخ ويفنى
والأحلام تتوارى...
وتبقى الروح من أمر ربي ويبقى التاريخ يحكي بواسطة الأحجار والأجداث المحنطة.
حضارة فرعونية عظيمة تؤكد تقزمنا وتنذرنا بوضاعة الإنسان وسرعة زواله وزوال حضارته،مهما علت وطالت.
حكم توت عنخ آمون 9 سنوات وحكم رمسيس التاني 53 سنة
كانت النقوش في غرفة الموتى تشرح مرحلة الانتقال للعالم الآخر وكيف تردد بعض الكلمات المحفورة على جدران السرداب من أجل تيسير العبور.
كان هناك مدافن أخرى وهي على نفس الهندسة وبنفس صعوبة النزول.
وعدنا بواسطة الحافلة إلى مقر إقامتنا،لنستعد لرحلة الغردقة.
أن يكتب شاعر قصيدة فهذا أمر رائع فعلا ،لكن أن تكون هذه القصيدة شكلا منمقا من أشكال الجمال ،فهذا أمر أكثر روعة ،فأنت إذا ما كتبت عن شيء ووصفته ، فإنك تضيف جمالا عليه ، أبدعت في وصفه فقد كسوته جمالية ،فتكون بذلك في ما يمكن تسمية "الميتاجمال "أو "الميتافن". و الجمال – كما جاء تعريفة في المعجم الوجيز – "صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفس بهدة و دهشة ، وهو عكس القبح" ، ولكن الجمالية شيء آخر أكثر عمقاً.
الجمالية أيضا تكتسب من الناحية البلاغية في اللغة المستعملة والأسلوب ، و لا يختلف اثنان أنه كلها كانت اللغة صافية نقية ، كان النص جميلا أو ذا جمالية ،و العكس صحيح بمعنى أن القبح في اللغة و الأسلوب يسيئان الى النص .و هذا ما ذهب إليه عبد القاهر الجرجاني و ابن طباطبا، و قدامة و القرطاجني...
ومن جماليات النص الشعري، أن يتميز بالتكثيف والعمق والمغايرة والتنوع الذي يحدث قدراً من الدهشة والتفاعل وأن يتميز أيضا بالاتساع الدلالي وأن يمنح المتلقي خيارات متعددة للتأويل سواء كان هذا المتلقي في ذهن المبدع أو خارج بؤرة اهتمامه، وأن يتبنى النص الشعري منطقاً ما، حتى وإن اختلف هذا المنطق عن المنطق الحياتي والبديهي، فلا بأس من ذلك، فالبعد عن المنطق بمفهومه التقليدي هو في حد ذاته منطق، حيث الإسراف في الذهنية يخرج النص الشعري من حالة الغموض الرائعة التي تحث على إعمال عقل المتلقي ليصبح شريكاً في العملية الإبداعية بما يمنحه له النص من مدى متسع من التأويلات، إلى نوع من التشرذم الذي يؤدي إلى لا شيء، فيصبح من الصعب الوصول إلى نسق جمالي.
و حسبنا في هذه الدراسة أننا قرأنا المتن بين أيدينا بعين المتذوق الذي يقرأ بشاعرية أكثر ، لا بعون الناقد بمعول النقد الذي همه أن يبحث عن مكامن الضعف أكثر ،و قد يتناسى الجوانب الجمالية الفنية ،و الصور الشعرية و المحسنات البديعة التي تضفي على المتن المدروس مسحة جمالية .
"الشعر بنون النسوة"، ديوان لجمع المؤنث السالم، لغته وجدان جمعي يعطي للتجربة النسائية معنى آخر غير الذي شاع. ويمكن اعتبار هذا الكتاب مولودا من أرحام متصلة بجمالية اللغة الشعرية التي تتجاوز المعنى الاجتماعي للغة، وتتخطى حدود التقعيد والتعقيد، للتواصل بالمشاعر وعبرها، ورغم أن الأستاذة لطيفة، أشارت في المقدمة إلى أن هاجسها في المقدمة ليس ماديا وليس توثيقيا لتجربة الشواعر بشكل موسع، إلا أنها تجربة فريدة بحيث يساهم هذا الدليل في مسك تجارب شعرية مختلفة، ووضعها تحت منظار تجربة موحدة، ولنا أن نتساءل أمام هذه التجربة: كيف تفاعل التنويع في خلق الفنية في هذه الأضمومة الشعرية؟ وكيف تفاعل الاختلاف في خلق الهوية الجمعية لهذه التجربة؟
الجمالية في التقديم:
ينطوي التقديم لهذا الكتاب على شروط ذاتية وأخرى موضوعية، وبينهما تخلق الجمالية للوفاء للشروط الذاتية والموضوعية المختلفة، أما الشرط الذاتي فيشمل كل الدوافع التي دفعت المعدّة للكتاب والمقدِّمة له لوضع هذا الدليل، وهو ما جاء في تصريحها بالقول: "عندما عزمت على إصدار هذا الدليل الصغير، كان هدفي التعريف ببعض الشواعر، وقد عرفتهن عن كثب، ليس فقط في منابر الأدب على أرض الواقع ولا في العالم الافتراضي، ولكن عبر التواصل المبني على الاحترام والتقدير، ولم يكن الهدف إصدار أحكام نقدية تراتبية في عالم الإبداع، ولكن لأسهم في التعريف بهن، بعيدا عن غاية نفعية أو تبادل مصالح"، وكذلك نوع العلاقة التي تربطها بهذه الفئة من الشواعر في فضاء يتحدد مكانا بالامتداد برؤوس مثلث أضلاعه منابر الأدب في الواقع، والعالم الافتراضي، ومجال التواصل المبني على الاحترام المتبادل، وزمانا في "زمن تحكمه سطوة إعلامية ذكورية" وأما الشرط الموضوعي فيمكن تلخيصه في وقع الكلمة الشعرية عليها وحضورها في دائرة الموضوعات التي تسترعي اهتمامها، وهذان الملمحان هما رأسا الخيط الناظم بين النصوص الثاوية بين دفتي هذا الكتاب الذي أشير إليه بأنه "دليل".
يتضمن التقديم خطابا لتبرئة الذمة، مما يعني أنه قراءة تأويلية مسبقة للكتاب من خلال عتباته، بمنظار صنف من المتلقين، خاصة أولئك الذين يجهزون أنفسهم لتوزيع الاتهامات لمحاكمة الأدب والأدباء، فجاءت هذه التبرئة في صيغتين مختلفتين، إحداهما تبرئة النفس من التهمة بالإقصاء، وثانيهما التبرئة من التهمة بتقاسم المصالح المادية في تجربة "هذا الدليل الصغير" كما جاء في المقدمة، وكانت صفة الصغر مسوغا لعدم إدراج شواعر أخريات في هذا العمل، وهو ما يجب على القارئ انتظاره في "الدليل الكبير" الذي سيصدر قريبا بتعبير المقدمة للكتاب، وهو ميثاق ضمني بين الأستاذة لطيفة الغراس وقراء الكتاب.
جمالية التداخل اللغوي:
تتداخل في هذا الدليل ثلاثة أشكال من التوظيف اللغوي، وهي العامية والعربية الفصحى والفرنسية، وهي كلها لغات حاملة لمشاعر إنسانية قدمتها المشاركات في لوحات فنية، تجعل اللغة وسيلة لمواجهة فوضى الحياة المسمى بمسميات مختلفة. قالت فيه ليلى حجامي، بلسان دارج "لغدر يسري ولعقل تلفان"، وأضافت في النص نفسه " سولت على الرحمة فجميع لبلدان.. لقيتها شجرة خضرا فكل الأديان.. تقطعها هضرة من زلة لسان"، وفي نص زجلي آخر في ظل هاد لكون تاهت لمرا.. حلفت للزمان حتى تكتب وتقرا.. ترسم فاللوح ... تعتز بالبوح"، ليتضح أن المرأة قصيدة شهيدة الثقافة إذ تسافر بجناحين مكسرين في عبث هذا الوجود. إنها لعبة التحدي في "زمن التحدي"، بحيث "يتفكك كل شيء كما تتفكك اللعب، ويشيخ الزمن من الصراعات واختلالات الأدب ويغادر الطير عشه.."، كذلك تصرخ الأنثى لابسة زي الفصول كلها، لتقعيد رجْع صرخاتها أسوار وليلي وتضاريس زرهون.
"الشعر بنون النسوة والنشوة" سفر بين أزهار اللغة، تتنقل فيها نفس القارئ بين الأغراس بلطف، كما تنقلت بينهن لطيفة الغراس، أو كما تساءلت نبيلة حماني عن الجمر الساكن جذوع صبرها، في قصيدة تطاير "رذاذ الوهم" فيها، حتى عانق شوقها للأم، فيتم الوصل بين القصيدتين بمعجم الطبيعة والوجدان، وكأن لغة الشاعرة نسمات وأزهار وكروم وسلسبيل، وهي بذلك تحاول رتق الذاكرة الحية التي تهيج الأنين وتجعل الريح تعزف على ربابة الذكرى، كما يذكي هديل الأم تغنج الصبا فيفوح العبير سحرا أو زلالا يسقي حقول الروح وخميلة الحب..
في "غفوة يقينها" تاهت حروف فاطمة عواد في منعرجات المعنى، باحثة عن معنى مزركش لم تعصف به رياح "عصفت بذكرياتها، حين ارتدت قصتها المطرزة بحروف الهجاء والصمت، ليخفي الغروب، وتنظر إلى الوجود خلف نظارات قاتمة، تخفي دمعتها اليتيمة، بعد نفاذ فيض خاطرها على شط الذكرى وتعطل مركبها الذي أوقف رحلتها، ومازالت تطرح السؤال: من يكسر جدار الصمت؟ الذي يحفر في الذاكرة ليبعث سؤالا قديما: من يعلق الجرس؟ ويخلصه من حبل مشنقته في صيغة جديدة: من يحرك الجرس؟
إنها وحيدة في منامها السري، ولن يجيب عن سؤالها إلاها، لأنها الوحيدة القادرة على البوح شعرا ونثرا، لتعزف على كمانها أنغام البيان، وترتل بخشوع تام نوطاتها، لاجئة إلى ذلك الملاذ الذي يحتضنها من نفسها، وما وسوست في محراب يغص بآيات "من وحي السحر"، بحيث يتلحف المعجم زيه الديني في دنيا الدناسة المطلقة، ليكشف عنها الغطاء وتترآى الحقائق بعين البصيرة..
"هذا ما يحدث الآن"، في عنونة لسميرة جودي التي تجود في سمر شعري بكل حروفها، غير أنها لا تملك الركض خلف نفسها وهي توثر السفر بموج خاص، فتسقط كغيث يلوح بيد على كتفها، لتعبر كل شوارع Granada، وترقص أحيدوس وحدها غريبة، لكنها تتقن فن الغواية بطريقة خاصة، تصبح فيها اللغة مشاعا وأرضا بكرا تفعل بها ما تريد وتزرعها بألغامها الشعرية كما تشاء، فتركض عليها حافية لتمسك بالفرح وتختزل كل العمر في تغريدة، متخفية عن المرآة كي لا تراها وتفضحها..
تهمس أمل برادة في أذن اللغة مستعملة "نحوا فرويديا"، يجعل المسافة بين الضمائر وسيلة لكسر قواعد اللغة الصماء، فتلصق الضمير "هي" الدال على الغائبة "هي"، باسم الإشارة "تلك" الدال على حضور "هي"، وهي لعبة نفسية منبثقة من قرحة الآهات والصحوة من السبات، والحلم في اليقظة، والرغبة التي يجب ألا تجهض، لأن الطموح والأمل والحلم ملاذ الشاعرة المتداخلة مع "تلك" و"هي"، كما يتداخل الهو والأنا الأعلى والأنا في تشكل الهوية، فتتداخل الرغبة والإرادة بالقدرة والرفض، وتتكون سحابة الحياة لتمطر أسئلة منها "من أنت؟" وهو سؤال لا يراد منه التعريف بالذات، بل هو نفي لهذه الذات التي تنفي "الأنا" في لغة شاعرة تعشق الحرية منذ تحررها عن الأم بقطع حبلها السري، وهي كائن حي موجود، لها هوية وقضية ونخوة، وهو قاموس غارق في محيط لغتها الفرنسية الرشيقة، وفي أرجوحة ألفاظ تحملها من لغة إلى أخرى بنفس سيكولوجي يعيد رسم شطرنج اللغة، وتضع له قطعا مهمة لا تقبل الهزيمة حتى لو اقتضى حالها العصيان، إنها روحها وقلبها ووعيها وريشتها التي ستبقى دائما قطوفا دانية من شجرة تحمل اسم "أخطاء الشباب".
إذا اتسع معنى الكلم، فلا مفر إلا المفر، وإذا كان هذا جوابا كافيا لسؤال: "أين المفر؟" فالشاعرة نعمة بنحلام أول من سيطرح السؤال من جديد: ماذا أقول؟ إنه هوس السؤال الذي يقذف بالشاعرة في أحضان المجاز بميم المتنبي المرسومة على آخر القلم، كعصا موسى .. وهي مفتاح "حلم يجرف الشاعرة طينا بلا قدم، فتتيه لواعجها في سقم صار لها أسلوبا في التعبير، فترفع بعد ذلك حرف الرفض والنفي "لا"، كعلامة نصر مفقود، ويتحول هذا الرفض إلى "لاءات حبلى بجنون سؤال لم يلد بعد" لأنها مسكونة بالآفاق والاشراق وتتحسس نفسها وتبحث لعلها تجد منفذا من دوامة الحياة إلى نفسها، فتسافر "على جناح القصيد" مع فاطمة الخمليشي، لعلهما تجدان مهربا من "انتظار" مبهم، وفي هذه اللحظة الشعرية، تتسلل الشاعرة فاطمة إلى تلك الأنا الهاربة من منزل فرويد لتختبئ في جفون السكون، وتشع في بريق العيون لترميم وجدان يحمل القصيدة بين يديه يراقصها على إيقاع الصدى في لحظات التيه والانتظار، في فضاء منفلت يساكن النغمات في لباس الليل وعنفوان النهار، "فيهمس في قلب الصباح من شدة الحنين أنينا، بتعبير صباح الهزاز، التي ترفع أكف الحروف إلى السماء، فيهتز لها الفؤاد ويلين الحجر حتى يصير طينا في طرقات مبللة تحت أقدام شاعرة اعتادت الوقوف تحت المطر انتظارا وأملا في شيء مجهول، في لحظة عشق يهمس بها الفجر، فيأخذ قلبها الصغير كل الأكوان وتتسرب ذكرياتها المتغلغلة في الروح والكلمة الشعرية.. أو تلك "الكلمات Les mots" التي سافرت Chama Ami في تفاصيلها، وهي المحبة العاشقة لكلماته ذات الرائحة العجيبة، والتي تشرب حزن الشاعرة، وتحملها على أجنحة المعاني بعيدا لتغذي أحلامها وتوقظ ذكرياتها من السبات، ,تنطلق كالسهم تلاحق ظلها، في هذه الإنطلاقة Départ المفاجئة، وتخلف وراءها ذكريات لا تحصى في كل الأركان وتحت القناطر والممرات تخلف روحها ونظرتها وآفاقها الجديدة، وكأنها في لحظة عشق تستمع لصوت فيروز ينثر الحنان، ورائحة القهوة تنتشر والشوق يطرق بابها بدون استئذان.. والكلمات تراقص معانيها وتهتز طربا، لأن خطيبة مونديب تعدك أن تكتب إليك على نسمات الصباح الجديد رسالة تحمل إليك على جلود الموتى والملائكة المحلقة على ظلك وتراسلك في أحلامها وعشقها وشوقها أنها بكل بساطة اشتاقت إليك، وهي تحاور فيك نفسها، لتكتب شعرا بقلبها قبل قطرة دم وبعقلها قبل فكرة أو تأمل.. كذلك كانت القصيدة "سأكتب إليك".
التهامي اشويكة
في نسج "مسودن" النثري، يتأرجح الزمن المشوش بباستمرار، حيث يتشابك بتاريخ العراق المتشظي والواهن. يتميز هذا النص بلغة فريدة وشامخة تنقل عدة معانٍ وتستمد الحوافز، متسلحةً بكلماتها وتراكيبها الحكيمة التي تعكس أجنحة جمالية تجسد الأفكار والمعنى. تسلط هذه النصوص الضوء على أهمية الوطن والانتماء، وتعبِّر عن أمل الراوي في مستقبل مشرق للعراق، حيث يستعيد تألقه وتطوره بعيدًا عن الخداع والفساد.
يستخدم السارد (الراوي- بطل القصة) الصور الشاعرية والمجازية لنقل مشاعره وأفكاره، معززًا تأثير النص على القارئ. تشبه "مسودن" أعمالًا أدبية أخرى كـ "رسائل من باطن الأرض" أو "الإنسان الصرصار" لديستويفسكي، حيث تعتبر إحدى الروايات الجميلة الفلسفية العميقة للكاتب دوستويفسكي.
تعكس قصة "مسودن العراق" حالةً سوداويةً وسخريةً، حيث إن العنوان نفسه يتميز بسخرية مقصودةٍ، وأن من حَكَمَ العراق مجانين. تندفعُ الكلمات وسط التوترات والصراعات الاجتماعية في العراق الحزين. يندب الراوي ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه. تتجلى في نسج "مسودن" النثري تجاذبات الزمن المعقد، حيث يتداخل مع المكان.
كذلك تعبّر اللغة عن مشاعرَ حارة و"متناقضة" أحياناً، وإنفعالاتٍ يثيرها السارد. ينتظر الراوي بقلق وتوتر، متطلعًا لمكالمة هاتفية وهو يشعر بالأسى لبُعده عن أحبابه وأصدقائه، ويعاني من ألم الغربة، يتوق لعودته إلى وطنه مع خوفه على مستقبله. يحلم صاحب الرسالة_القاص-الراوي) بفخر الهوية العراقية وتتصوَّرها جميلة ومتسامحة، وتحمل آمالًا في إعادة بناء العراق كدولة مزدهرة ذات حضارة عظيمة. يندفع البطل (الراوي) بكلماته القوية والعبارات الصعبة أحياناً ليكشف عن التوتر والصراع الاجتماعي في العراق الحزين.
يندب السارد ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه، مترقبًا المستقبل. بالتالي، يستكمل السارد رسالته بتسليط الضوء على الجوانب المتضاربة في الواقع العراقي، من الفقر والاستبداد إلى الثقافة الغنية والتاريخ العريق. يندد بالحالة الراهنة للعراق ويعبر عن رغبته في إحداث تغيير إيجابي يعيد للعراق مكانته العظيمة في العالم. تستعرض السردية الجوانب المعقدة للشخصية الرئيسية، وتسلط الضوء على التحولات النفسية التي تعانيها في محاولتها للبقاء والتكيف في ظروف قاسية.
يتميز نص "مسودن" بخطاب شاعري ويستكشف تفاصيل الشعور، يستخدم كلمات تعكس الحالة النفسية المتشابكة للمرسل (السارد). تبرز هنا أهمية الصداقة كقوة محورية في حياة المرسل، وترسم علاقةً فريدة من الاحترام المتبادل بين الطرفين. يتناول الرسالة العراق بحزنه ويصوِّره كبلد يواجه تحدياته، و يتلألأ فيما بين السطور طموح المرسل، حيث يحلم بترسيخ وطن مزدهر يشع بالحضارة ويستقبل اللاجئين منكل العالم .
وقد ركّزَ الكاتب على أحداث العراق من خلال التلميح. تتجسّد الصور والرموز بقوة، تجعل القارئ ينشغل بتفسير النص من خلال الإطلاع على العراق وتحوُّلات تاريخه،. يسلط نص "مسودن" الضوء على تحديات العراق، ويحمل رؤية المؤلف لها.
.
يبرز الكاتب زهير شليبه بمهارته الفائقة في رسالته "مسودن"، حيث تتعدد المعاني في تراكيب جميلة، بسلاسة وسهولة، تغمر السرد بإيقاعها الساحر، مجذبة القارئ وموجهة إياه في رحلة شيقة. تتألق براعة الكاتب في صياغة الجمل. حققت اللغةُ توازنًا فنيًا بين الصورة والمعنى، وتميزت بكلمات دقيقة تستدعي الانتباه وتتناغم مع السرد.
هذه الرسالة رائعة، تجسد قدرة زهير شليبه ككاتب، حيث تأسر الأرواح. تتميز رسالة "مسودن" بلغة فريدة وراقية، تتجلى فيها المعاني والكلمات والتراكيب بحكمة وجمال.
تظهر رموز "مسودن" بين بريق الجمال وقوة الروح، حيث تعزز الثقافة وتضفي بُعدًا خاصًا. توجه القارئ هذه الرموز والرمزية في رحلة فهم وتجربة النص، حملته عبر معانٍ عميقة ومفهوم لا يُحصى.
في رسالة "مسودن"، تُنسج اللغة بلمساتٍ متقنة، حيث تُختار الكلمات بعناية لتجسد المشاعر والأفكار بملموسية. يعتمد الكاتب على أسلوبٍ سرديٍ متقنٍ يجذب القارئ ويحافظ على اهتمامه طوال القصة.
يستعين الكاتب بالصور والتشبيهات لتعزيز الوصف وتوضيح الأفكار ويتم بناء النص بشكلٍ محكم ومنظم، حيث ينسج الأحداث والمفاجآت فيتحقق التشويق غير المفتعل لإبقاء القارئ مشدودًا ومتحمسًا لاستكمال مجرى القصة واستيعاب المعاني العميقة. وتظهرالشخصيات بشكلٍ واقعي ومتطور، مما يعزز تجسيد الأفكار والمعاني.
يُسيطر الكاتب على اللغة بمهارةٍ ودقةٍ، حيث يختار الكلمات بعنايةٍ لنقل الأفكار والمشاعر بجمال وتأثير. بإيجاز، تتميز رسالة "مسودن" ببنيتها المحكمة، حيث يركز على التنظيم العام للنص. تطور الحبكة وتدفق الأحداث يثيران الشغف ويشدان انتباه القارئ لمعرفة المزيد.
يتجسد تطور الشخصيات بطريقة واقعية ومتقنة. يتحكم الكاتب في اللغة ببراعة ودقة، مستخدمًا الكلمات بعناية لتعكس المشاعر والأفكار بوضوح وجمالية. يتجانس البناء السردي بتناغم يخلق الإثارة والترقب. في الختام نتأمل الجمال في رسالة "مسودن" ونتذوق سحر الكلمات وروعة السرد. إنها رحلة أدبية ألهمتنا وأثرت فينا بعمق. تمكن الكاتب زهير شليبه من خلق عالمٍ فريدٍ ومتنوعٍ ينبض بالأفكار والمشاعر، وتأخذنا هذه الرسالة في رحلة مليئة بالتأمل والتساؤلات. تتنوع الرموز والتشبيهات والصور لتصوّر الواقع وترسم صورة تراثية غنية للعراق وشعبه.
زكية خيرهم
تعبق في أوسلو العميقة أجواء الأمل والمحبة، كأنهما ألوان تملأ الحياة بالجمال والإشراق. يجد الشاعر هادي الحسيني، الساحر المسافر، مغرمًا بجمالها وروعتها. يتجول في شوارعها المليئة بالحياة، يشعر بالمدينة وكأنها فراشة تحلق في سماء العشق. تلك الفراشة التي تنثر عبير الجمال وتعزف ألحان الأنوثة. في مدينة أوسلو العاشقة، تتأرجح الأشجار وكأنها تغني للحياة، وهادي الحسيني يحتضن طيور الأماني التي تحلم بالطيران عاليًا. فبكل زاوية في هذه المدينة، تجد المعاني تتراقص والأفكار تتفتح مثل أزهار الورد. إنها قصائد أوسلو، تلك الأبيات الرائعة التي تجمع بين الجمال الروحي والسحر البصري.
كالحدائق المعلقة، تعانق أوسلو قلب الشاعر وتهزه برقة وعاطفة. هنا، تتكلم الصخور والأشجار بألف لغة، تحكي عن تاريخ المدينة وتذكرنا بأننا جزء من هذا الزمن العتيق. وعلى شاطئ البحر، يصدح صوت الأمواج كأغنية حزينة، تروي حكايات الماضي وتحمل آمال المستقبل. في بغداد، يستمد هادي الحسيني إلهامه وعمقه الشعري. تلك المدينة الحبيبة، حاضنة أمواج العاطفة والأمل. هناك ولد الشاعر، في أحضان المدينة التي لا تنام. يتناغم صوته مع شوارعها المتعرجة، ويتلاقى نبضه مع طيور السماء. في بغداد العاشقة، تنساب الكلمات كأنها نسيم الربيع، تنغمس في أنسجة المدينة وترقص على أنغام الشعر. تتفتح الأزهار في حدائقها كألوان قصائد هادي الحسيني، تلك القصائد التي تحمل روح بغداد العميقة.
أوسلو وبغداد، المدينتان العاشقتان، تجتمعان في كلمات هادي الحسيني وقصائده الرائعة. تعكس هذه القصائد رؤية فنية عميقة وروح تجريبية مبتكرة. بين ألوان أوسلو النابضة بالحياة وألحان بغداد العريقة، ينسج الشاعر لوحات شعرية فريدة من نوعها. هنا، يتجلى الجمال والعمق في الأفكار والمشاعر، مع تفتح المعاني وتجلي الصور. قصائد هادي الحسيني تعبق بروح أوسلو وتنبض بحب بغداد، وتحمل رسائل العشق والتأمل والوجدان إلى قلوب القرّاء. تأخذنا هذه القصائد في رحلة شعرية ممتعة، وإلى عوالم جميلة ومفعمة بالحياة. فهي تدعونا للتأمل والتفكير في قضايا الحياة والإنسانية، وتحملنا في رحلة فريدة من خلال التشبيه والاستعارة والصور الشعرية الساحرة. إنها قصائد تتحدث بصدق وعمق، وتعزف موسيقى الروح والأحاسيس، مستحضرة جمال العالم والحياة في تجربة شعرية مدهشة.
القصائد تعمل على استحضار العواطف والمشاعر وتثير الفضول والتفكير لدى القارئ، مما يتيح له التأمل والتفسير الشخصي، وبالتالي تصبح قابلة للتفاعل والاستكشاف. عند النظر إلى القصائد المذكورة والتحليل المقدم لها، ندرك أن التشبيه والاستعارة والصور الشعرية لها دور حاسم في إغناء المعنى وتعزيز التأثير الشعري لهذه القصائد. تسهم هذه الأساليب الشعرية في تشكيل تجربة قراءة شاملة وممتعة للقارئ، حيث يتمكن من استيعاب جمالية الشعر وعمقه والتواصل مع المشاعر والأفكار التي يعبر عنها الشاعر. عند قراءة هذه القصائد، يظهر لنا أن الشاعر يستخدم التشبيه والاستعارة والصور الشعرية لتحقيق عدة أهداف. يستخدم التشبيه للتعبير عن المشاعر والحالات العاطفية، حيث يستخدم صورًا مماثلة للوصف والتعبير عن تأثيرها على الفرد. على سبيل المثال، يصف الشاعر المرأة بأنها "فراشة" تحلق حول الرجل الذي يحبها، مما يبرز روح الجمال والأنوثة في العلاقة. من جهة أخرى، يستخدم الاستعارة لإيصال رسالة أعمق وأكثر تعقيدًا، حيث يعتمد على رموز ومعان مجازية للتعبير عن الحالات النفسية والتجربة الإنسانية. في قصيدة "صافرات الإنذار"، يستخدم الشاعر الاستعارة لوصف الحروب السابقة وآثارها النفسية، حيث تصبح الصفحات البيضاء شاهدة على القتال والذكريات المؤلمة. تعزز الصور الشعرية المستخدمة في هذه القصائد الرؤية الشعرية وتساهم في خلق تأثيرات عاطفية وجمالية. عندما يستخدم الشاعر التشبيه في وصف حديقة التماثيل بأنها "فروة مانور"، يضفي القصيدة جمالًا رومانسيًا ويدعو القارئ للتأمل في هذه الروح الفنية الخلاقة. وفي النهاية، يمكن القول بأن استخدام التشبيه والاستعارة والصور الشعرية يساهم في إغناء المعنى وتعزيز التأثير الشعري في القصائد المذكورة. إنها أدوات فنية تساعد الشاعر على التعبير عن العواطف والأفكار بشكل مركز وملموس، مما يجعل القصائد أكثر تأثيرًا وجاذبية للقارئ. تعتبر قصائد هادي الحسيني التي تجمع بين أوسلو وبغداد ذات قيمة فنية وتعبيرية عالية. يتجلى فيها استخدام ماهر للغة الشعرية وتنوع في الأساليب الشعرية، مثل التشبيه والاستعارة والصور الشعرية. تتميز القصائد بقدرتها على إيصال المشاعر والأفكار بشكل قوي وعميق، وإثارة الفضول والتأمل لدى القارئ. تضفي الصور الشعرية والمجاز استثارة وجمالًا وغموضًا فلسفيًا على المضمون. استخدام الصور الشعرية والمجاز يعطي الشاعر القدرة على التعبير عن مواضيع متنوعة، مثل الحياة، والحب، والزمن، والذاكرة، والتجربة الإنسانية. يستطيع الشاعر من خلال هذه الأساليب الفنية أن يوصل الفكرة بأسلوب فني وتجريبي يدعو القارئ للتفكير والتأمل في الصور والمعاني المستترة.
زكية خيرهم
في حقول الحروف ترتقي أقلام الإبداع، تجلب الكاتبة إيمان الناطور بسحرها الشاعري وحسها المرهف، تنزف عبير الكلمات المعطرة بالأسى والحزن، تنادي بصوت الأمل والصمود في واقع فلسطيني ملتهب. تلوح في أفق الرواية وتعانقها بحنانها، تأخذنا في رحلة لا تنسى بين صفحاتها، حيث تتجلى رؤية الكاتبة الفذة التي تغوص في عمق التاريخ وتأسرنا بقصص الجدات والأجداد المليئة بالحكايا الخيالية والحقيقية. بأسلوبها الفريد وبمفرداتها الشاعرية، تبني عوالم متنوعة تجرفنا بعيدًا عن الواقع المعاش إلى أفق أكثر ملامسة للروح والخيال. تشدنا بقوة ذاتها وعذوبة كلماتها المختلفة والمعبرة، فتتراقص الأفكار في أرجاء النص وتتراقص الأحرف بأنغام الشعر والمشاعر. إيمان الناطور تنبض بالألم والجمال في آن واحد، وتعيد بناء الواقع بخيوطها الشاعرية وأحرفها المبدعة. تزهو إيمان الناطور، الكاتبة المبدعة، بأقلامها الساحرة، ترسم لنا لوحات من الكلمات المعطرة بالأسى والحزن، تروي قصة واقع فلسطيني ترقص على أوتار قلوبنا. تنغمس في أعماق الزمن وتستحضر حكايا الجدود. تنسج الخيال والواقع بألوانها المتعددة. تعبق رواياتها بشغف الحرية وشجاعة الإنسان، تبني عوالمًا متنوعة وتشرق بنور الكلمات المتألقة. تتلألأ أعمالها بالقدرة على صياغة القصص وتخطي الحواجز اللغوية، تلتقط تفاصيل الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال وتنسجها في خيوط روائية تلتهم القلوب. تنساب لغتها برقة شاعرية وجمالية، حيث ترقص الأحرف وترسم المشاهد بألوانها المبدعة. تعبّر رواياتها بعمق عن تأثير الحرب والمعاناة على الفرد وتجسد رسائل تعزز الحرية الشخصية وتحمل الأمل عاليًا. تحليل شخصياتها يبهرنا بتنوع الأفكار وتعدد وجهات النظر، ترسم بكلماتها لوحات غنية بالإنسانية والتعبير العميق. بصوت الشاعر والروائي المتقن، تسرد قصة الفلسطينيين بكل تعقيداتها وتأسرنا بجمالية الكلمات وعمق المشاعر.
تمتاز جدتي بالإنكار، لكنني أجد في عينيها ذئابًا تتواطأ مع أشجار الغابة، على مر السنين ظلت جدتي تلوح لي بالتآمر الذي لم تخبرني به، وما زالت ستارة الليل تخفيه بعد، وها أنا الآن أكبرت، صمت جدتي يغيب لكي أدرك حقيقة التآمر، أفهم الآن أن أشجار الفول لا تصل إلى السماء، وأن عالم العجائب لم يكن سوى وهم ضخم يبتلعني، وأن وطني لم يضيع بل تم فقده بصورة متعمدة، وأن ليلى كانت ضحية للذئاب منذ زمنٍ بعيد. ومن خلال مأساتي العميقة، ينبعث سؤالٌ من أعماق المعاناة، هو سؤال الحرمان من الهوية والانتماء، أتساءل: "هل يحق لجميع الجنسيات امتلاك أرض الفلسطيني، وحده الفلسطيني نفسه يظل محرومًا؟... أعلم أن الفلسطيني يتعرض للاضطهاد، وأنه يحارب لسنوات من أجل حقوقه، غالبًا ما يفقد أحبائه دون أن يستردهم، لأن قوانين الغربان لا تعرف معنى الرحمة". وعلى الرغم من ذلك، يبقى للفلسطيني شعلة الأمل مشتعلة في حكايات الجدات ومفاتيح البيت القديم. بعبقها الشاعري وجمالها المعاني، تستقر رواية "رسائل الخريف الضائعة" في عمقها النقدي وثراءها الأدبي. ترصد تجربة الفلسطينيين بصورة متنوعة وجذابة، تأتينا بلمحات عميقة لحياة الشعب الفلسطيني تحت ظروفه الصعبة. تنقلنا في رحلة روحية مثيرة، نرى من خلالها شخصية ليلى تكشف تأثير النزوح والتشرد، بينما يلقي الضوء على محنة الأسرى الفلسطينيين شخصية حسين. تتناول الرواية مواضيع حساسة مثل الهوية والوطن والانتماء، وتعكس الواقع السياسي والاجتماعي المعقد في المنطقة. بأسلوب سردي متقن وجذاب، تحملنا الرواية في أحضان تجربة شخصياتها المتنوعة وتفاصيل حياتهم اليومية. تستخدم اللغة والأساليب اللغوية ببراعة لنقل رسائلها الأساسية بشكل فعّال وجميل. تشجعنا على التفكير النقدي والتحليلي للواقع الفلسطيني، وتعزز الوعي الاجتماعي. بشكل عام، "رسائل الخريف الضائعة" هي تحفة أدبية تضيء الأدب النقدي والفلسطيني، تعيد لنا تجربة الشعب الفلسطيني بتعدد أبعادها. في شخصيات مثل ليلى نكتشف تأثير النزوح والتشرد على الفرد والمجتمع، وبحسين نشاهد محنة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
في رحاب رواية "رسائل الخريف الضائعة" تعانق العمق النقدي وتغنى الثراء الأدبي، تأخذنا في رحلة ملحمية لاكتشاف تجربة الفلسطينيين بألوانها المتعددة. تتجسد في شخصياتها المتنوعة، من ليلى وحسين، طيف التحديات التي تلتف حولهم. تشدنا الرواية لعالم مرهف يكشف تأثير النزوح والتشرد، ويكشف مأساة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. تمسك الرواية بالمواضيع الحساسة والأساسية في حياة الفلسطينيين، كالهوية والوطن والانتماء والحقوق الإنسانية. تعكس واقعًا سياسيًا واجتماعيًا معقدًا في المنطقة، وترسم الضوء على تحديات يواجهها الفلسطينيون. بأسلوبها السردي الجاذب والمثير، تأسرنا الرواية في رحلة عاطفية للاندماج في حياة الشخصيات وتفاصيلها اليومية. تتألق اللغة والأساليب اللغوية المستخدمة بجمالها وتنقل رسائلها بقوة وجاذبية. تعزز الوعي الاجتماعي وتحثنا على التفكير النقدي والتحليلي للحقيقة الفلسطينية. بوجه عام، "رسائل الخريف الضائعة" تضفي قيمة فريدة على الأدب النقدي والفلسطيني، حيث تجسد تجربة الشعب الفلسطيني بأبعادها المتعددة بشخصيات تأسر القلوب. إنها رواية تحمل ثراء التاريخ والثقافة، تدفعنا للتأمل والاندماج في قصتها الفريدة.
في رحاب رواية "رسائل الخريف الضائعة" تزيد قيمة الأدب النقدي والفلسطيني، بروعتها وعمقها تنقلنا في رحلة سحرية مليئة بالروح والتأمل. تترجم الرواية براعةً وعمقًا تجربة الشعب الفلسطيني بكل تأثيرها، تحمل ثروةً من تاريخٍ وثقافةٍ في صفحاتها، وتجعلنا نتأمل ونتوغل في رحلتها الفريدة. تنبثق منها رسائلٌ عميقة تكشف تحديات وتطلعات الشعب الفلسطيني، وتداعب أحاسيسنا وتستفز عواطفنا مع قصتها الملهمة. تكشف عن قوة الأدب وقيمة الفن في رحابتها، تعتبر "رسائل الخريف الضائعة" فنًا فلسطينيًا رفيعًا يستحق التأمل والاستيعاب. تسحر القلوب وتحرك العقول للتفكير والتأمل في قضايا الإنسان والمجتمع. تجسد براعة الرواية بشكل كامل تجربة الشعب الفلسطيني، وتسلط الضوء على مسائل هامة كالهوية والانتماء والحقوق الإنسانية. تقدم قراءة نقدية قوية وعميقة، تعكس دراسة شاملة للشخصيات والأحداث والمواضيع واللغة والبنية الدرامية والرموز. تتجلى روعة هذا الفن الأدبي المتكامل في توازنه بين العناصر الفنية والمحتوى العميق. وليس ذلك فقط، بل تعزز الرواية التعاطف مع القضية الفلسطينية ونضالها، وتشجع القراء على التفكير العميق في المسائل الإنسانية والاجتماعية التي يواجهها الشعب الفلسطيني . بعد تجربة قراءة رواية "رسائل الخريف الضائعة"، ندرك أنها تمتاز بإثارة التأمل والتفكير. تحمل قصة الشعب الفلسطيني بألوانها المتعددة وتكشف عن صراعاته وتحدياته المتعددة. تنقلنا في رحلة روحية مشوقة، نشعر من خلالها بقسوة الواقع وتأثيره على الفرد والمجتمع. تستعرض الرواية مواضيع حساسة وقضايا إنسانية عميقة مثل الهوية والانتماء وحقوق الإنسان. تبرز القوة الروائية للرواية من خلال استخدامها للغة الجميلة والأساليب الأدبية المتقنة. تتميز بوصفها رحلة مثيرة وتوازن فني ممتاز بين الواقعية والتجريبية. تعزز قوة الرؤية وعمق الفكر في كلماتها وأحداثها، مما يلهمنا للتأمل والاندماج في تجربة الشخصيات والمواقف التي تعيشها. باختصار، رواية "رسائل الخريف الضائعة" هي أعمال أدبية رائعة تنقلنا إلى عالم الشعب الفلسطيني بأسلوب سردي مدهش وعمق فكري ملهم. تعكس التجربة الفلسطينية بكل تعقيداتها وتحمل رسائل هامة تتعلق بالإنسانية والعدالة الاجتماعية. تستحق هذه الرواية الفنية الاستكشاف والاستمتاع بها كمصدر ثمين للتأمل والتحليل.
في بياض الصفحات، تنثر الرواية أنغام الوجدان، تلمس أوتار الروح وترتقي بالأفكار إلى عالم الفن. إنها أكثر من مجرد حكاية، فهي نهضة للإنسان ونضال للوطن، تسعى لترسيخ الوعي وتنبيه الضمائر. تحثّ على التعاطف والتضامن، وتدعو القارئ للوقوف مع الشعوب المظلومة، بدءًا من الفلسطينيين الأبطال. يجسد أدب هذه الرواية الوجع والأمل، ويروي قصة شعب يصارع الظلم ويحمل في قلبه رغبة جارفة في الحرية والعدالة. بغض النظر عن خلفية القارئ، ستتسلل الرواية إلى دواخله، تتغلغل في عمق الوجدان وتعزف ألحان المقاومة والأمل. في عبق كلماتها ترقص الحقائق، تنزف الأحداث والمواقف، وتعبث بالخيال بأسلوب شاعري يسكب المعاني. وعندما تصل إلى نهايتها، تفتح "رسائل الخريف الضائعة" أفقًا جديدًا للتأمل، وتطلق أسئلة تحوم في فضاء الذات. إنها رحلة فريدة في طرقات الوجدان، تلمس الجراح وتنشر الأمل، وتجعلنا نستشرف المستقبل بثقة وإيمان.
زكية خيرهم
قراءة في ديوان "رقصات بباب البحر
قربانا
لهيرقل عشيق الموجات "
للشاعرة الدكتورة مليكة بنمنصور.
عنوان القراءة: شعر بنبض الوجود والحياة، شعر مكتمل بدره بعيد غوره.
مستويات القراءة:
_مدخل: شعر يصغي لنداء الموجودات موله بها.
_كدت أقول التماهي، فكرة حدستها ثم لقيتها Eurica!.
_المنظورية الشعرية أو انبناء الرؤى، رؤى مفتوحة ومنفتحة. اكتشاف الوظيفة الاستعارية للوجود ونأي عن التصور الواحدي.
_رقصات بباب البحر:الجمال الفائق المتدفق
_التناص:حضور مكثف لتناص متعدد، اسطوري، شعري، ديني، تاريخي وفلسفي = استدعاء وتحويل.
_أفاق الإنتظار والتوقع: إبداع متمرد(فنيا )متجدد، استجابة أم تخييب؟.
_خاتمة :النهاية عتبة البداية: في شعر الرقصات الإنسان جار العالم وصديق له(هيدغر )وليس سيدا عليه.
مدخل:شعر بنبض الوجود والحياة، شعر مكتمل بدره بعيد غوره.
الدخول إلى عالم الموجودات، إلى الحياة من بابين، الواحد منهما يفضي إلى الأخر. باب البحر مفتوح على السماء، الشمس والضياء، الأشجار، الطيور والماء، النجوم والكواكب، الانهار والتراب والهواء والبهاء...لا شيئ هنا يوجد معزولا عن التفاعل الحيوي المستقطب لحس الشاعرة المرهف ." ما ثمة اين ولا عين " إلا وشعرها فيهما يظهر، يتجلى وينهمر. اناشيد البحر لحن وحلم بحجم البحر، وبحرها لا ضفاف له. الموجودات والذات أو الذاتي والانطولوجي، هنا، بينهما برزخ فيه يلتقيان وجسر للعبور ذهابا وايابا. شاعرية الذات والموجودات تتماهى. شعر ينطق الموجودات مستدرجا شاعريتها في رؤى يسكنها العشق. كل ما في الكون يتم استدعاؤه ليشارك الشاعرة رقصاتها الفرحة الجذلى. فارسة الشعر منجذبة أكثر إلى صاحب الصولة والصولجان البحر. فكان هذا الإبداع المبهر كما هو ابهار البحر. قصائد بحرية، مائية، ضوئية، ترابية، سماوية...."ايتها الموجة اتبعيني ".إلى أين؟.إلى الأعالي. مفعم هذا القول الفني بالشعرية، بالانسياب بالتفاؤل والتجدد والخرق والتكسير بمحبة لامشروطة...شعر مفعم بالحركية، يستحم في نهر هيراقليطس ويرقص مدا وجزرا، يترقرق كما الماء والضياء، يعتصر رحيقه من رؤيا وجودية لماعة كالبرق والشهب والشمس والنجوم والقمر. اناشيد يحاكيها الوروار والهزار، فالفنان، يقول هيجل لا يحاكي غناء العصافير لان غناءها من جبلتها وغناء الفنان(الشاعر )لا يحاكى "حتى ولو كان يصدم بغرابته من اعتادوا لونا معينا "(مظفر النواب، ص 5في الديوان ).الغرابة مصدرها مألوف المتلقي والإبداع هاجسه التجديد والصيرورة .إبداع صائر وعاشق بحجم عشيق الموجات شهريار البحر والبر..الحركة والتجدد هما القاعدة والسكون عابر ومريب "هو البحر هو البحر _في عشقه المتهادي من الاجراف الى الاجراف _وفي سكونه المريب _عبر المراحل والأزمان"(ص 15في الديوان ).
شاعرة الرقصات متفاعلة شاعريتها بلا عقد، لكن بتعاقد حر طليق مع شاعرية الموجودات تنسكب في أبهى وأسمى "الكلمات(جان كوهن، الكلام الأسمى les hauts paroles ).
محمد بوحاشي
حللنا بالأقصر يوم 06 فبراير ولدينا رغبة ملحة لزيارة معبد حبشتسوت ومعبد الأقصر( رمسيس التاني) ومعبد إيزيس ووادي الملوك والملكات بجبل الجرنة.
حبتسوت أول ملكة فرعونية حكمت مصر وقد شيدت معبدها لرصد تاريخ حكمها وسُمي بقدس الأقداس،والعجيب أنها حكمت بسنين عديدة قبل كليوباطرا،كان ولدها تحتمس الثالث صغيراولذلك عُينت مكانه.
معبدها يقع بالدير البحري ويتكون من ثلاثة مدرجات متصاعدة يقسمها طريق صاعد.
أثار استغرابي وجود أطلال منازل بساحة قرب المعبد،وقد سألت الدليل وأخبرني أن المحافظة أمرت بهدم منازل بنيت عشوائيا قربه للمحافظة على المقابر الفرعونية والآثار التي لازالت لم يُنقب عنها،والناظر لقمة الجبل الذي يحتضن هذا المعبد سيلاحظ أن به آثارا ستحتاج إلى ملايير الدولارات لمتابعة الحفر والتنقيب.
أمام هذا المعبد تماثيل لها ولأوزيريس.
أعجبت بهذه الملكة التي حكمت مصر22 سنة! كانت تتنكر في زي الرجال وحتى تمثالها وجهه أنثى وجسمه على غرار أبي الهول.
في عهدها صُنع النبيذ من الثمر وانطلقت رحلة قافلتها التجارية300 كلم من الواحات ولأول مرة عبر البحر.
عُثر على وثائق مكتوبة على البردي وقد سطر فيها حقوق الزوجة على زوجها!!
وخاطبتُ هذه الملكة وقلت لها:
بوادي الملوك رأيتك
وقد قذفت التاريخ بأحجار
أنت هي الأنثى في ضفاف النيل
وحكايات لك بلباس الذكر!.
بالبر الشرقي حيث مقر عبادة الثالوث المقدس في العقيدة الفرعونية تعرفنا على معبد الكرنك ومعبد الأقصر.
بمعبد الأقصر مسلات نقش عليها إنجازات رمسيس التاني وتماثيل ضخمة ،سبعة منها واقفة وتمثالان جالسان وقد بلغ ارتفاع كل تمثال سبعة أمتار،هُدم بعضها في القرن الرابع قبل الميلاد من قبل الفرس. كل مسلة يبلغ طولها حوالي 23 مترا. قاعة الأعمدة مدهشة وقد زينها تاج على هيئة نبات البردي وتماثيل برؤس أكباش .
أمام البوابة 1 جنوب قصر أبي الهول بقيت مسلة واحدة والتانية هي بفرنسا حيث قدمت سنة1836 لشارل العاشر على يد محمد علي باشا.
يطالعك ولحظة إنارة مسجد جامع( أبو الحجاج) الذي تم تشييده بالقرن 13 الميلادي انك أمام عظمة الخالق ،يُذهب قوما ويأتي بغيرهم وتلك آثارهم باقية..
وتعتبر معابد هابو من أهم المعابد التي شيدها رمسيس الثالث وتعود ل3200 سنة قبل الميلاد.
على جدرانه قصص تحكي تاريخة والحملات التي قادتها سيخمت وزيرة الحرب وتسجل معركة قادش التي انتصر فيها رمسيس التاني على الحيثيين.
وبوادي الملوك لا زال قبر رمسيس التاني غير مسموح بزيارته وهو ضمن مجمع معابد الكرنك التي تضم 60 مقبرة.
بقلعة صلاح الدين الأيوبي،يوجد سجن نقلَنَا عبر التاريخ بين الإمس واليوم وقد تغيرت الزنازن شكلا وبقيت مضمونا،زنازن بالأمس مظلمة ضيقة،تذكرنا بسجون تاريخية في الأندلس ولندن ومكناس حيث لا زال ( حبس قارة) وقد ترامت أطرافه خارج أسوار المدينة في دروب ودهاليز، وامتد لكيلومترات طالما تاه في دروبها المغامرون،قبل أن تغلق بعض مساربها.
توجهنا بعد ذلك لمتحف السلاح،حيث ينتصب في مدخله تمثال إبراهيم باشا(1789-1848)،وقفنا أمام أسلحة ثقيلة توثق للسنة1973.
وعدنا للتاريخ عبر الصور الفوتوغرافية،أرخت المقاومة المصرية الشعبية ضد الهيمنة البريطانية( كومندو بريطاني في محاولة لاقتحام مبنى المحافظة في الإسماعيلية،مع صور من صحيفة: المصري،وتخص المعركة مع صور لقادة هذه المعركة وبينهم الممثل المصري صلاح ذوالفقار).
تابعنا مسيرتنا الاستطلاعية اتجاه مسجد الرخام،له باحة رخاميةجميلة وأعمدة بين اللون الرمادي والأبيض.
قاعة الصلاة بالمسجد كبيرة مدهشة بثريات جد كبيرة كانت تحمل الشموع وتحفظها بإطارات زجاجية.
المحراب في غاية الجمال وروعة الشكل الهندسي ودقة التركيب الذي يعكس مهارة الصانع المصري.
غادرنا المسجد لنطل من الأسوار على القاهرة القديمة ومعالمها،وعلى ورشات التنقيب المستمرة بجانب القلعة،تظهر منها أقواس وشبه غرف،من آثار المرحلة التاريخية العظيمة.
كنا نود زيارة المتحف الكبير الجديد ولكن للأسف لا زال لم يفتح أمام الزائرين،وربما لعدم إتمام عمليات تهم نقل التحف التاريخية ومعالم التاريخ الفرعوني المصري.
كان المساء قد حل ولنا حرية السياحة دون مرافق،وبالتالي أخذنا سيارتي أجرة وتوجهنا نحو (مول) كبير يتكون من عدة طبقات وقد زادته الإنارة جمالا،حيث أخذنا وجبة العشاء بمطعم جميل وبمجرد ما علم صاحبه أننا مغربيات،بدت على وجهه سعادة كبيرة فهو يعرف المغرب وقد زار الدار البيضاء سابقا.
كنا نتحدث طبعا باللهجة الدارجة وكانت بجانبنا مائدة بها أسرة ليبية كثيرة العدد ،بين الجد والجدة والأولاد والأحفاد،وسرعان ما تقدم الأب مناليبلغنا تحياته وتقديره للمغاربة،وكأننا نجتمع على مائدة الجامعة العربية،إلا أن الود بيننا أكبر وأكثر.
عدنا لقواعدنا سالمين وفي الصباح توجهنا لزيارة مسجد الحسين وأزقة السوق القديم حوله.
كان بعض التجار يتوصلون معنا بالأنجليزية،وبمجرد ما نخبرهم أننا من المغرب،حتى تلين ملامحهم بابتسامات وترحيبات.
السوق العربي القديم يتشكل من دروب وأزقة ،تُعرض فيها البضائع التقليدية والحديثةوهذا نشاهده في كل الدول العربية وكذلك في بعض المدن التاريخية عبر العالم.
التاجر المصري مهذب، لبق، حلو الكلام مع نوع من الإلحاح على تقديم سلعته وواجب الضيافة وهو مشروب الكركديه.
توجهنا لزيارة مقهى نجيب محفوظ ولكن الحارس أخبرنا بأن فوجا سياحيا من غير العرب،قد حجز المقهى.
خرجنا من السوق إلى الساحة قرب المسجد ودخلنا مقهى المالكي وهو مقهى شعبي تأسس منذ القرن الماض. تكالب علينا باعة من كل صنف ومعهم بعض السلع ،كان بودنا أن نسترضي بعضهم باقتناء بعض الأشياء ولكن هذا غير ممكن،ومع ذلك فقد استطاع أحدهم أن يقنعنا بمعروضاته وبشدة إلحاحه.
كلنا كانت لدينا رغبة في التعرف على الأقمشة القطنية المصرية،لما للقطن المصري من جودة عالية،فتوجهنا نحو حي العتبة،هذا الحي شديد الازدحام وهو يشبه كثيرا بعض أسواقنا المغربية الشعبية. تجولنا ودخلنا الأزقة، بعد ما شاهدنا تجار الجملة،ليشتري بعضنا بعض الأثواب من التجار الصغار،كل هذا ومرشدنا يحرسنا ويوجهنا.
كانت الليلة الأخيرة في زيارتنا لبلدنا الشقيق مصر،وعند عودتنا للفندق كان الليل قد أرخى السدول وعلينا تناول وجبة العشاء والخلود للنوم،لنستعد لحزم حقائبنا.
إخترنا مطعما لبنانيا بفندق هيلتون هيلوبوليس لتناول طعام العشاء،وكان اليوم هو عيد الحب،وبالتفاتة كريمة قدم لنا صاحب المطعم ورودا وزعها علينا تحية منه، وهي حركة ستبقى ضمن ذاكرة كل منا عن مصر المضيافة ودماثة أخلاق أهلها.
جاء الصباح ومشاعر كل منا، بين اشتياق لبلدناوبين إحساس اننا لازال في مصر أشياء جميلة لم نشاهدها.
زرت مصر وهاجس عظمة التاريخ الفرعوني يسكنني،لم أكن أشاهد بعض مساوئ العربي في مصر ،فلنا كذلك منها في بلدنا ،ولم تكن الغاية التبضع بصورة مَرَضِيَة ولا مشاهدة أقارن فيها بين السياحة في دول غربية وبين دول عربية،كنت أشاهد عظمة مصر القديمة وأتذكر معها حضارة بعض الدول العربية،قبل اندحارها وتقهقرها،لأسباب متشابكة متداخلة يذكرها التاريخ..
وإلى رحلة تانية إن شاء الله أزور فيها مدنا مصرية أخرى.
بعد الغذاء تابعنا الطريق عبر الممرات المؤدية
للفندق حيث تعرفنا على ميدان التحرير وعلى
بعض معالم القاهرة ثم عدنا للفندق للاستراحة
في انتظار متابعة برنامج الرحلة ليوم
تابعنا برنامج الزيارات يوم 3 فبراير بعد وجبة
الإفطار، حيث نقلتنا الحافلة لزيارة متجر لبيع
العطور التقليدية بالطريقة الموغلة في تاريخ
الحضارة الفرعونية، من أعشاب وورود
وأزهار، للاستعمالات المختلفة الطبي والتعطر
وبقوارير زجاجية غاية في الجمال. شربنا عصير
الكركدي كواجب للضيافة وتمتعنا بشرح مطول
حول الأنواع والاستعمال. بعد ابتياعنا لبعض
العطور تابعنا المسيرة نحو متجر لعرض
اللوحات المرسومة على ورق البردي وتعرفنا
على هذا النبات وطريقة التخزين والتنقيع
والتصنيع. كانت لوات مختلفة الأحجام
والأشكال بشرح وافي وبابتسامة وضيافة كريمة.
كان لديهم تقنيون يكتبون بالحروف الهيروغليفية
حسب الطلب لوحات فنية تؤرخ لمصر
الفرعونية مثل صور لنفرتيتي وأخناتون وتوت
عنخ امون ورموز لهذه الحضارة.
حل الظلام وقد نال منا التعب فتوجهنا لإحدى
المطاعم الشعبية حيث تناولنا وجبة
العشاء، وبعد ذلك توجهنا لمحطة القطار حيث
سنقضي الليلة في مضاجع القطار للتوجه نحو
أسوان وهو حلمي للتمتع بعبق التاريخ، كانت
الرحلة متعبة بسبب طول المسافة حيث دامت
من الثامنة والنصف ليلا إلى العاشرة والنصف
صباحا.
مأثار انتباهي عند انتظار القطار هو قدم المحطة |
وعدم الاهتمام بدورة المياه من حيث التجهيز
ومن حيث النظافة فقد كانت المياه الوسخة
تملأ المكان والروائح الكريهة تزكم الأنوف،كما
شاهدت قطارات مرت أمامنا تذهب لسوهاج
في منتهى القدم وكأنك تشاهد قطارا من أفلام
الويسترن !
كان القطار في طريقه مزعجا بأصوات الفرملة
المتكررة وبرضخ باب المغسلة الصغيرة التي غير
قابلة للغلق وأما المرحاض فحدث ولا حرج !
بدأ بوادر الفجر ولم يغمض لي جفن والفراش
سيء هو كذلك فأزحت ستار النافذة وبدأت
المتعة بمشاهدة محافظات الصعيد الجميلة
ومنازل تحيط بها الأشجار والتخييل
والخضرة،وكأنني أشاهد فيما مصريا قديما !
أخذتن الحافلة للسفينة بأسوان لقضاء ثلاثة أيام |
والتي بعد الغذاء بها سنتوجه لزيارة السد العالي.
كانت السفينة جميلة مجهزة أحسن تجهيز
والغرف واسعة جميلة وكذلك المقهى
والمطعم. بعد استلام الغرف وتناول وجبة
الغذاء المتميز بالتنوع ومهارة الطبخ والتعامل
الطيب ،توجهنا لزيارة السد العالي بأسوان.
تشكل السينما فضاء تفاعليا بين الذات و الموضوع المركب في الإخراج السينمائي. و يشكل الوعي طريقا للتجاوب بين الرسالة المرسَلة والمرسَل إليه. هو طريق لتفاعل الحواس في تركيبتها الشخصانية التي تجعل لكل وجبةٍ وصفةً معينة: وكما تجعل لكل لحظة تأثيرا معينا مرغوبا قصديا أو غير مرغوب و لا منتظر.
وتأتي أهمية الفن السابع من تاريخه الطويل الذي خلَّده خلال القرن العشرين ، وهذه البدايات من القرن الواحد والعشرين. تاريخ سجل ابتكارا اختراعا، وسجل اختراقا لعالم الصورة المرئية والمتحركة، والتي دوَّنت لبداية عالم افتراضي يحلم كل متلقٍّ أو سامع به أن يخترقه ويعيش في فضاء أحلامه. كما سجل إقبالا جماهيريا كبيرا تنوع بين القاعة الكبيرة والشاشة الضخمة، وبين الساحات المفتوحة التي تعكس الفرجة بجدار أو إزار.
هكذا انتظم المتفرج بالأعمار والأجناس، وانتظم داخل استهلاك وتذوق منتوج فني إعلامي ورسائل سياسية وثقافية، وتواصل معرفي و اجتماعي إنساني، عبر هذه السينما ـ الفن السبع ـ التي احتلت ترقيما مميزا هو رقم 7 ، ربما رمزَ و يرمز لسقف العطاء في آفاق السماء، وحد الاشتهاء على بوابات الأمل والرجاء.
إنها السينما التي اصبحت مرافقة لكل رسالة فنية وثقافية وسياسية، والتي ترجمت العوالم، فكانت خير سفير ينقلنا للتعرف على المجتمعات و الثقافات ، كما ينقلنا لعيش مغامرات ، ما كنا لنقوم بها لولا تعلقنا بالبطل و السيناريو و الحبكة و الخدعة التقنية في التصوير و العرض ...و كان العشاق بدرجة عملية الإنتاج ... و تطورت المؤسسات الساهرة ن و أصبح مال و اقتصاد مرتبطان بقطاع خاص و مجال خاص ، هو مجال السينما ... بين الشرق و الغرب ، بزغت مدن فنية إنتاجية خاصة بالحياة السينمائية ، بين هوليوود وبوليوود ، كانت الفضاءات و لا زالت قائمة بتمويل ضخم و سياسة كبيرة متعلقة برسالة السينما ، و سينما الرسالة ... هذه الرسالة التي اراد الكل و يريد الكل أن يُحملّها مشروعه و خطابه و مطلوبه و أهدافه ... فكان أن ركب باخرتها الإنتاجية رجل الدين و السياسة والاقتصاد و الرياضة.
كانت هذه المقدمة استئناسا باستحضار أهمية هذا الفن في عوالم الحياة المتشعبة. تنقلنا للحديث الآني عن موضوع شغل بال المتفرج و المتتبع لسلسلة جيمس بوند 007.هذه السلسلة المتتابعة من الأفلام ذات الرسالة الواحدة و المرموزة والمعقدة في آن. بالرجوع إلى التوثيق التاريخي لسلسلة جيمس بوند007، هذه السلسلة المتتابعة من الأفلام ذات الرسالة الواحدة والمرموزة و المعقدة، نجد مثلا في موسوعة ويكيبيديا تناولا تاريخيا لقصة ظهور الشخصية الحقيقية وارتباطها بخدمة العرش البريطاني. كما نجد تاريخ ظهور الكتب المؤلفة حولها، ابتداء من سيرة الجاسوس في خدمة الملكة، و تتبعا للمؤلفات التي وضعت لخدمة الإخراج السينمائي للسلسلة.
هكذا يمثُل أمامنا المنتوج متكاملا كمشروع يدعونا لتتبع حلقاته و استيعاب رسالاته و التمتع بتشويقاته وروعة أدائه الفني. فأي مقاربة ستحصر تناولنا لهذه الأفلام، حتى لا نتيه في بحر المعاني والصور التي تغرق بنا فيها سفينتها؟
من زاوية المتلقي، يجد في البطل نموذجا للقوة والتحدي و الشجاعة والوسامة ومتعة العيش. يجد فيه روح الإخلاص لعرش وحكم وملكة. رسالة حياة متوجة بمغامرات بأجمل لباس، أحسن عطر، وأرفع إقامة وسفر و متعة بين جزر الأحلام، وتقنيات الاستعمال من آخر طراز. ولعلها قدرة السينما السحرية التي غار منها السياسيون في إمكانيتها خلق تماهٍ بين شخصية البطل والمتلقي ـ المتفرج. حيث لا يمكنه أن يبقى بدون تأثر نفسي وغددي ومعنوي حواسي مع الشخصيات الماثلة أمامه نصف واقعية، يقع حلوله واتحاده معها ـ بلغة المتصوفة ـ عبر جانب شخصيته الذي يتكون من الأحلام والخيال والأمنيات و نسبيات التفاعل مع ثوابته وأمنياته المتغيرة المرتبطة بالواقع. وهنا تدخل مكونات في صناعة البطل، وفاعلون اقتصاديون وتجاريون إشهاريون في عرض منتوجهم المتنوع، تمهيدا لترويج سلعهم عبر العالم المتلقي لرسالة الفيلم والمتعلق بشخصية البطل، بدءاً بالرجال والنساء، ثم الأطفال. بدءا بالعالم الغربي نفسه، ثم انتقالا إلى العوالم الأخرى المرتبطة بمواكبة الركب الحضاري الغربي. أكانت من دائرة المرْضي عليهم بالمنظور الإمبريالي الحضاري الغربي، أو من دائرة الخصوم الذين هم كثر، والذين تتم استمالتهم للانتقال و تمني تغيير الاختيار. وتلك لعبة نجح الغرب فيها في الحرب الباردة التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، وهي حاضرة و مستمرة في سلسلة جيمس بوند السينمائية مع ممثل جديد سيتم استبداله باسم آخر تنتظره وسائل الإعلام بشوق وتحفيز، يخلّد أداء سابقيه: دانييل غريك، بيرسبورسمان، تيمو تيدالتون، روجي مور، جورج لازنبي، سين كونري.
يتبع...
حسن إمامي
الجنتلة...تهمة جديدة تلاحق الرجل
المرأة كائن ضعيف، مضطهد ومظلوم...غالبا ما رددت هذه العبارات في أغلب كتاباتي لأنها فعلا ظلت ولسنوات طوال تجاهد وتصارع لتغيير وتفعيل قوانين عديدة من أجل نيل حقها والعيش بكرامتها في مجتمع ذكوري يناصر الرجل ويدين المرأة حتى لو كانت مظلومة.
من الجرائم التي عانت ولازالت تعاني منها المرأة وخصوصا في الدول العربية، التحرش، الجريمة التي تخدش حياء وكرامة المرأة وتنتهك جسدها وعفتها، لكن التعديلات التي طرأت على القوانين في معظم الدول هي بمثابة انتصار جديد لها، خففت نوعا ما من الانعكاسات النفسية التي تلحق بها بسبب هذه الظاهرة.
لكن وبسبب الاهتمام الكبير الذي وضعته كل الدول والذي يتمثل في الإجراءات السريعة والرادعة كانت سببا في تشجيع بعض ضعيفات النفوس على تقديم بلاغات كيدية ضد أشخاص كانت تربطهم علاقة صداقة او علاقة عائلية أو ربما علاقة عمل، مستغلين المناخ المجتمعي العام الذي يعادي هذه الظاهرة اللأخلاقية، فتتجه وببساطة شديدة إلى إقامة دعوى باطلة بهدف التنكيل والتشهير ب "الرجال" أو الانتقام منهم، فتتسبب تلك البلاغات في الزج بأبرياء خلف القضبان أو وضع آخرين في مواضع الشبهات بعد التحقيق معهم واحتجازهم في مراكز الشرطة لأيام أو ربما لشهور، ليصبح بعد ذلك حاملا لصفة العار التي لا تمحى: "سبق اتهامه بالتحرش".
بالرغم من سهولة الزج بأبرياء في تهمة التحرش، لكنني لا أشك إطلاقا في نزاهة القضاء أينما كان و لا أشك أيضا في حنكته أو طريقة عمله التي تستند إلى القوانين كما تعتمد على الذكاء والفطنة، فهذه الجريمة تحتاج الى أدلة وقرائن عديدة كما تحتاج إلى قراءة ما بين السطور ووحده القاضي بالشرعية الإجرائية وبعقيدته له القدرة على تجميع الصورة وفك الشفرة.
عصر "الجنتلة" انتهى، عصر المجاملة والاستلطاف والاستظراف انتهى أيضا، لا يحق للرجل اليوم أن يرفع الحواجز بينه وبين المرأة غريبة كانت أو قريبة، المجاملة اليوم في عصمة المرأة حتى يتجنب تهمة التحرش طالما أصبحت النساء اليوم يتمتعن بقانون صارم يحمي حتى المدعيات منهن.
هند صنعاني
في قراءة وجيزة لرواية لطيفة حليم الجديدة وعبر شذرات متقطعة،أثارتني تقنية كتابتها،التي تخطت تقنية السرد كركيزة مسيطرة تبلور رسالة الكاتب،إلى آلية تقفز بالقارئ إلى رفوف الكتب،وتجبرك للعودة لعالم ذخائر الكبار في التاريخ والسياسة وعالم الإنسان المتأمل للحياة والكون،وترسل رسائل ملغومة عبر إشارات تردك لاسترجاع معلوماتك،وهي تمسح غبار الأيام عن كتبها القابعة بالرفوف.
في كتابة لطيفة حليم تتقاطع العوالم وتتوازى لتستفز القارئ اللبيب فيتمعن في حال واقعنا العربي، بعيدا عن الاستفزاز الجنسي.
بقفزات نوعية تعطيك صورة موجزة للمثقفة العربية المحجوزة داخل تركيبة غريبة في عالم غريب،تركبه الموجات الطاغية من موضات صنعها الكبار،وكأنها ترصد خريطة المسار الصعب.
هي لا تصف عورات الجسد ولا تسرد تفاصيل للإثارة،ولكن تُلاعب القارئ وتختبر قدراته على القراءة والمسايرة لخط عرض المفاهيم،هي حبال كثيرة تحتاج انتباها كبيرا،وعلى القارئ تجميع كل الخيوط.
سلكت الروائية الوعر من التقنيات الحديثة،معتمدة على الثقافة المرتبطة بالوعي السياسي.هذه التقنية جديدة على القارئ العربي،خالية من التطريز البلاغي،والتأثير الغريزي،ورؤيتها تشرف على قراءة الأحداث،من زاوية نعطينا نظرة حول مشاكل متعددة تتعلق بالمسكوت عنه…
لطيفة الغراس
Copyright © 2022 hamassates - Tous droits réservés.
المديرة و رئيسة التحرير : الشاعرة والكاتبة لطيفة الغراس