Connecté en tant que :
filler@godaddy.com
Connecté en tant que :
filler@godaddy.com
التماهي فكرة حدستها ثم اقررتها:
"من زهرة إلى أخرى اتماهى
فرلشة توزع ألوانها
في عيون من يراها
وتنساها "(ص 140)
*************
شاعرة تتوسد الرؤى والأحلام
الرؤى والأحلام تتوسدها
تصول تجول بليلها
علها تصبح شاعرة مثلها
اتبعوني اتبعوها
وحين يركبها رأسها
يعصي اوامرها
تجدها في الصبح
تشدو للطيور جذلى
ترتق الحلم الهارب
فالحلم كالبرق إن رأيته لا تمسكه
أحلام الشعراء دائما تروق
لكنها خاطفة شانها شأن البروق ص141، 142،143و144 بتصرف ).
إلى ماذا يهفو القول؟.أولا، إلى أن الشاعرة نغمة صاعدة من الحياة وعاشقة لها عشق هيرقل الذي صفى الحساب مع أعتى واشرس الحيوانات حرصا على الحياة ورعاية لها. ثانيا، حضور الاستقساط الأربعة: الماء، النار(الشمس )،التراب والهواء(الريح )كعناصر أو مادة في كيمياء شعر الرقصات. إن انبعاث الشعر من هذه العناصر كانبعاث الحياة منها. هذا ما يصدح به "نشيد الحياة "(ص 158):
"أعبر تتبعني إليك الصباحات
تقول كعادتها بكفي ستلقاك المساءات
أعبر
توزعني النايات على الطرقات
علها علها
تستيقظ من سباتها الطويل
وتهفو إليها الفراشات
***
أعبر الوقت
تارة
اعد مداه € الزمن الفزيائي
وتارة اتجاهله فيعبرني
كانما بي يحد خطاه € الزمن النفسي الحيوي(الديومةla durè 'Bergson ).
من الضد ينبثق الضد ويخرج ليحيا حياة أخرى "فالبنار تشفى الجراحات ويلتهب الشجر والسحائب كلما اكفهرت يكون من جواها المطر "( ص82).
"لا عليك اتبعيني(عنوان قصيدة(ص 81)
اذا اختلطت بين عينيك الطرقات
سنطير بعيدا بعيدا
ألى الأعالي
حيث يستريح القمر(ص82 و83 ).ثالثا، الانسياب، انسياب الكتابة الشعرية الماء بنساب في النهر حرا(اشدد على كلمة حر )متلئلئا، في لهف، يجري إلى البحر، وانسياب مع نسيم الوادي في الضحى وعند الأصيل راقص متمايل باقاعاته مع مع الريح والطير والضوء فيتناسق جزءا فجزءا في وحدة سنفونية تديرها الشاعرة بموهبة وملكة مصقولة اهلتها لإخراج هذا المنحز الشعري المتفرد، إنجاز فائق الشدو والشذى، ياخده الولع والوله مقامات وأحوالا، فينفرط حبل العوائق وتتلاشى الحدود والسدود أمام العبور لهذه الرؤيا الشعرية المسكونة بالعشق يتماهى فيها العاشق والمعشوق في مرآة شعرية مجلوة تتراءى فيها صورة توحدها الارقى والابهى ليصبح الإنسان عالما صغيرا والعالم إنسانا كبيرا(ابن عربي ).
سنة 1922 وبوادي الملوك دخل مكتشف الآثار هوارد كارتر مدفن توت عنخ آمون،وهو إبن أخناتون من نفرتيتي وكما هو معروف فقد كان أخناتون فرعون التوحيد.
كان معدن الذهب مثل التراب آنذاك بمصر واشتهرت النوبة وسقارة والأقصر بصناعة الحلي وعندما اكتشف قبر توت عنخ آمون كان في ثلاثة أقنعة ذهبية.
عندما وصلنا وادي الملوك زرنا مدفن رمسيس الرابع وبه التابوث المصنوع من الجرانيت فوق مدخل المدفن صورة قرص الشمس التي ترمز للإله رع.
بعد ذلك زرنا مدفن تحتمس الثالث ومدخله الفخم يؤدي إلى دهليز ينحدر انحدارا شديدا ويؤدي إلى ممر،كان النزول متعبا وهي إطلالة على الممرات والجدران المنقوشة التي لا زالت تحتفظ بألوانها. عدنا من حيث أتيناوأنا أتأمل حلم الخلود لدى الإنسان والشيء بالشيء يذكر،فقد تذكرت قصيدة لي بديوان دخان اللهب حيث خاطبت كوبلايخان( حفيد جنكيز خان) وهو كذلك كان يبحث عن الخلود..
لا يا كوبلاي خان
الجسد يشيخ ويفنى
والأحلام تتوارى...
وتبقى الروح من أمر ربي ويبقى التاريخ يحكي بواسطة الأحجار والأجداث المحنطة.
حضارة فرعونية عظيمة تؤكد تقزمنا وتنذرنا بوضاعة الإنسان وسرعة زواله وزوال حضارته،مهما علت وطالت.
حكم توت عنخ آمون 9 سنوات وحكم رمسيس التاني 53 سنة
كانت النقوش في غرفة الموتى تشرح مرحلة الانتقال للعالم الآخر وكيف تردد بعض الكلمات المحفورة على جدران السرداب من أجل تيسير العبور.
كان هناك مدافن أخرى وهي على نفس الهندسة وبنفس صعوبة النزول.
وعدنا بواسطة الحافلة إلى مقر إقامتنا،لنستعد لرحلة الغردقة.
أن يكتب شاعر قصيدة فهذا أمر رائع فعلا ،لكن أن تكون هذه القصيدة شكلا منمقا من أشكال الجمال ،فهذا أمر أكثر روعة ،فأنت إذا ما كتبت عن شيء ووصفته ، فإنك تضيف جمالا عليه ، أبدعت في وصفه فقد كسوته جمالية ،فتكون بذلك في ما يمكن تسمية "الميتاجمال "أو "الميتافن". و الجمال – كما جاء تعريفة في المعجم الوجيز – "صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفس بهدة و دهشة ، وهو عكس القبح" ، ولكن الجمالية شيء آخر أكثر عمقاً.
الجمالية أيضا تكتسب من الناحية البلاغية في اللغة المستعملة والأسلوب ، و لا يختلف اثنان أنه كلها كانت اللغة صافية نقية ، كان النص جميلا أو ذا جمالية ،و العكس صحيح بمعنى أن القبح في اللغة و الأسلوب يسيئان الى النص .و هذا ما ذهب إليه عبد القاهر الجرجاني و ابن طباطبا، و قدامة و القرطاجني...
ومن جماليات النص الشعري، أن يتميز بالتكثيف والعمق والمغايرة والتنوع الذي يحدث قدراً من الدهشة والتفاعل وأن يتميز أيضا بالاتساع الدلالي وأن يمنح المتلقي خيارات متعددة للتأويل سواء كان هذا المتلقي في ذهن المبدع أو خارج بؤرة اهتمامه، وأن يتبنى النص الشعري منطقاً ما، حتى وإن اختلف هذا المنطق عن المنطق الحياتي والبديهي، فلا بأس من ذلك، فالبعد عن المنطق بمفهومه التقليدي هو في حد ذاته منطق، حيث الإسراف في الذهنية يخرج النص الشعري من حالة الغموض الرائعة التي تحث على إعمال عقل المتلقي ليصبح شريكاً في العملية الإبداعية بما يمنحه له النص من مدى متسع من التأويلات، إلى نوع من التشرذم الذي يؤدي إلى لا شيء، فيصبح من الصعب الوصول إلى نسق جمالي.
و حسبنا في هذه الدراسة أننا قرأنا المتن بين أيدينا بعين المتذوق الذي يقرأ بشاعرية أكثر ، لا بعون الناقد بمعول النقد الذي همه أن يبحث عن مكامن الضعف أكثر ،و قد يتناسى الجوانب الجمالية الفنية ،و الصور الشعرية و المحسنات البديعة التي تضفي على المتن المدروس مسحة جمالية .
"الشعر بنون النسوة"، ديوان لجمع المؤنث السالم، لغته وجدان جمعي يعطي للتجربة النسائية معنى آخر غير الذي شاع. ويمكن اعتبار هذا الكتاب مولودا من أرحام متصلة بجمالية اللغة الشعرية التي تتجاوز المعنى الاجتماعي للغة، وتتخطى حدود التقعيد والتعقيد، للتواصل بالمشاعر وعبرها، ورغم أن الأستاذة لطيفة، أشارت في المقدمة إلى أن هاجسها في المقدمة ليس ماديا وليس توثيقيا لتجربة الشواعر بشكل موسع، إلا أنها تجربة فريدة بحيث يساهم هذا الدليل في مسك تجارب شعرية مختلفة، ووضعها تحت منظار تجربة موحدة، ولنا أن نتساءل أمام هذه التجربة: كيف تفاعل التنويع في خلق الفنية في هذه الأضمومة الشعرية؟ وكيف تفاعل الاختلاف في خلق الهوية الجمعية لهذه التجربة؟
الجمالية في التقديم:
ينطوي التقديم لهذا الكتاب على شروط ذاتية وأخرى موضوعية، وبينهما تخلق الجمالية للوفاء للشروط الذاتية والموضوعية المختلفة، أما الشرط الذاتي فيشمل كل الدوافع التي دفعت المعدّة للكتاب والمقدِّمة له لوضع هذا الدليل، وهو ما جاء في تصريحها بالقول: "عندما عزمت على إصدار هذا الدليل الصغير، كان هدفي التعريف ببعض الشواعر، وقد عرفتهن عن كثب، ليس فقط في منابر الأدب على أرض الواقع ولا في العالم الافتراضي، ولكن عبر التواصل المبني على الاحترام والتقدير، ولم يكن الهدف إصدار أحكام نقدية تراتبية في عالم الإبداع، ولكن لأسهم في التعريف بهن، بعيدا عن غاية نفعية أو تبادل مصالح"، وكذلك نوع العلاقة التي تربطها بهذه الفئة من الشواعر في فضاء يتحدد مكانا بالامتداد برؤوس مثلث أضلاعه منابر الأدب في الواقع، والعالم الافتراضي، ومجال التواصل المبني على الاحترام المتبادل، وزمانا في "زمن تحكمه سطوة إعلامية ذكورية" وأما الشرط الموضوعي فيمكن تلخيصه في وقع الكلمة الشعرية عليها وحضورها في دائرة الموضوعات التي تسترعي اهتمامها، وهذان الملمحان هما رأسا الخيط الناظم بين النصوص الثاوية بين دفتي هذا الكتاب الذي أشير إليه بأنه "دليل".
يتضمن التقديم خطابا لتبرئة الذمة، مما يعني أنه قراءة تأويلية مسبقة للكتاب من خلال عتباته، بمنظار صنف من المتلقين، خاصة أولئك الذين يجهزون أنفسهم لتوزيع الاتهامات لمحاكمة الأدب والأدباء، فجاءت هذه التبرئة في صيغتين مختلفتين، إحداهما تبرئة النفس من التهمة بالإقصاء، وثانيهما التبرئة من التهمة بتقاسم المصالح المادية في تجربة "هذا الدليل الصغير" كما جاء في المقدمة، وكانت صفة الصغر مسوغا لعدم إدراج شواعر أخريات في هذا العمل، وهو ما يجب على القارئ انتظاره في "الدليل الكبير" الذي سيصدر قريبا بتعبير المقدمة للكتاب، وهو ميثاق ضمني بين الأستاذة لطيفة الغراس وقراء الكتاب.
جمالية التداخل اللغوي:
تتداخل في هذا الدليل ثلاثة أشكال من التوظيف اللغوي، وهي العامية والعربية الفصحى والفرنسية، وهي كلها لغات حاملة لمشاعر إنسانية قدمتها المشاركات في لوحات فنية، تجعل اللغة وسيلة لمواجهة فوضى الحياة المسمى بمسميات مختلفة. قالت فيه ليلى حجامي، بلسان دارج "لغدر يسري ولعقل تلفان"، وأضافت في النص نفسه " سولت على الرحمة فجميع لبلدان.. لقيتها شجرة خضرا فكل الأديان.. تقطعها هضرة من زلة لسان"، وفي نص زجلي آخر في ظل هاد لكون تاهت لمرا.. حلفت للزمان حتى تكتب وتقرا.. ترسم فاللوح ... تعتز بالبوح"، ليتضح أن المرأة قصيدة شهيدة الثقافة إذ تسافر بجناحين مكسرين في عبث هذا الوجود. إنها لعبة التحدي في "زمن التحدي"، بحيث "يتفكك كل شيء كما تتفكك اللعب، ويشيخ الزمن من الصراعات واختلالات الأدب ويغادر الطير عشه.."، كذلك تصرخ الأنثى لابسة زي الفصول كلها، لتقعيد رجْع صرخاتها أسوار وليلي وتضاريس زرهون.
"الشعر بنون النسوة والنشوة" سفر بين أزهار اللغة، تتنقل فيها نفس القارئ بين الأغراس بلطف، كما تنقلت بينهن لطيفة الغراس، أو كما تساءلت نبيلة حماني عن الجمر الساكن جذوع صبرها، في قصيدة تطاير "رذاذ الوهم" فيها، حتى عانق شوقها للأم، فيتم الوصل بين القصيدتين بمعجم الطبيعة والوجدان، وكأن لغة الشاعرة نسمات وأزهار وكروم وسلسبيل، وهي بذلك تحاول رتق الذاكرة الحية التي تهيج الأنين وتجعل الريح تعزف على ربابة الذكرى، كما يذكي هديل الأم تغنج الصبا فيفوح العبير سحرا أو زلالا يسقي حقول الروح وخميلة الحب..
في "غفوة يقينها" تاهت حروف فاطمة عواد في منعرجات المعنى، باحثة عن معنى مزركش لم تعصف به رياح "عصفت بذكرياتها، حين ارتدت قصتها المطرزة بحروف الهجاء والصمت، ليخفي الغروب، وتنظر إلى الوجود خلف نظارات قاتمة، تخفي دمعتها اليتيمة، بعد نفاذ فيض خاطرها على شط الذكرى وتعطل مركبها الذي أوقف رحلتها، ومازالت تطرح السؤال: من يكسر جدار الصمت؟ الذي يحفر في الذاكرة ليبعث سؤالا قديما: من يعلق الجرس؟ ويخلصه من حبل مشنقته في صيغة جديدة: من يحرك الجرس؟
إنها وحيدة في منامها السري، ولن يجيب عن سؤالها إلاها، لأنها الوحيدة القادرة على البوح شعرا ونثرا، لتعزف على كمانها أنغام البيان، وترتل بخشوع تام نوطاتها، لاجئة إلى ذلك الملاذ الذي يحتضنها من نفسها، وما وسوست في محراب يغص بآيات "من وحي السحر"، بحيث يتلحف المعجم زيه الديني في دنيا الدناسة المطلقة، ليكشف عنها الغطاء وتترآى الحقائق بعين البصيرة..
"هذا ما يحدث الآن"، في عنونة لسميرة جودي التي تجود في سمر شعري بكل حروفها، غير أنها لا تملك الركض خلف نفسها وهي توثر السفر بموج خاص، فتسقط كغيث يلوح بيد على كتفها، لتعبر كل شوارع Granada، وترقص أحيدوس وحدها غريبة، لكنها تتقن فن الغواية بطريقة خاصة، تصبح فيها اللغة مشاعا وأرضا بكرا تفعل بها ما تريد وتزرعها بألغامها الشعرية كما تشاء، فتركض عليها حافية لتمسك بالفرح وتختزل كل العمر في تغريدة، متخفية عن المرآة كي لا تراها وتفضحها..
تهمس أمل برادة في أذن اللغة مستعملة "نحوا فرويديا"، يجعل المسافة بين الضمائر وسيلة لكسر قواعد اللغة الصماء، فتلصق الضمير "هي" الدال على الغائبة "هي"، باسم الإشارة "تلك" الدال على حضور "هي"، وهي لعبة نفسية منبثقة من قرحة الآهات والصحوة من السبات، والحلم في اليقظة، والرغبة التي يجب ألا تجهض، لأن الطموح والأمل والحلم ملاذ الشاعرة المتداخلة مع "تلك" و"هي"، كما يتداخل الهو والأنا الأعلى والأنا في تشكل الهوية، فتتداخل الرغبة والإرادة بالقدرة والرفض، وتتكون سحابة الحياة لتمطر أسئلة منها "من أنت؟" وهو سؤال لا يراد منه التعريف بالذات، بل هو نفي لهذه الذات التي تنفي "الأنا" في لغة شاعرة تعشق الحرية منذ تحررها عن الأم بقطع حبلها السري، وهي كائن حي موجود، لها هوية وقضية ونخوة، وهو قاموس غارق في محيط لغتها الفرنسية الرشيقة، وفي أرجوحة ألفاظ تحملها من لغة إلى أخرى بنفس سيكولوجي يعيد رسم شطرنج اللغة، وتضع له قطعا مهمة لا تقبل الهزيمة حتى لو اقتضى حالها العصيان، إنها روحها وقلبها ووعيها وريشتها التي ستبقى دائما قطوفا دانية من شجرة تحمل اسم "أخطاء الشباب".
إذا اتسع معنى الكلم، فلا مفر إلا المفر، وإذا كان هذا جوابا كافيا لسؤال: "أين المفر؟" فالشاعرة نعمة بنحلام أول من سيطرح السؤال من جديد: ماذا أقول؟ إنه هوس السؤال الذي يقذف بالشاعرة في أحضان المجاز بميم المتنبي المرسومة على آخر القلم، كعصا موسى .. وهي مفتاح "حلم يجرف الشاعرة طينا بلا قدم، فتتيه لواعجها في سقم صار لها أسلوبا في التعبير، فترفع بعد ذلك حرف الرفض والنفي "لا"، كعلامة نصر مفقود، ويتحول هذا الرفض إلى "لاءات حبلى بجنون سؤال لم يلد بعد" لأنها مسكونة بالآفاق والاشراق وتتحسس نفسها وتبحث لعلها تجد منفذا من دوامة الحياة إلى نفسها، فتسافر "على جناح القصيد" مع فاطمة الخمليشي، لعلهما تجدان مهربا من "انتظار" مبهم، وفي هذه اللحظة الشعرية، تتسلل الشاعرة فاطمة إلى تلك الأنا الهاربة من منزل فرويد لتختبئ في جفون السكون، وتشع في بريق العيون لترميم وجدان يحمل القصيدة بين يديه يراقصها على إيقاع الصدى في لحظات التيه والانتظار، في فضاء منفلت يساكن النغمات في لباس الليل وعنفوان النهار، "فيهمس في قلب الصباح من شدة الحنين أنينا، بتعبير صباح الهزاز، التي ترفع أكف الحروف إلى السماء، فيهتز لها الفؤاد ويلين الحجر حتى يصير طينا في طرقات مبللة تحت أقدام شاعرة اعتادت الوقوف تحت المطر انتظارا وأملا في شيء مجهول، في لحظة عشق يهمس بها الفجر، فيأخذ قلبها الصغير كل الأكوان وتتسرب ذكرياتها المتغلغلة في الروح والكلمة الشعرية.. أو تلك "الكلمات Les mots" التي سافرت Chama Ami في تفاصيلها، وهي المحبة العاشقة لكلماته ذات الرائحة العجيبة، والتي تشرب حزن الشاعرة، وتحملها على أجنحة المعاني بعيدا لتغذي أحلامها وتوقظ ذكرياتها من السبات، ,تنطلق كالسهم تلاحق ظلها، في هذه الإنطلاقة Départ المفاجئة، وتخلف وراءها ذكريات لا تحصى في كل الأركان وتحت القناطر والممرات تخلف روحها ونظرتها وآفاقها الجديدة، وكأنها في لحظة عشق تستمع لصوت فيروز ينثر الحنان، ورائحة القهوة تنتشر والشوق يطرق بابها بدون استئذان.. والكلمات تراقص معانيها وتهتز طربا، لأن خطيبة مونديب تعدك أن تكتب إليك على نسمات الصباح الجديد رسالة تحمل إليك على جلود الموتى والملائكة المحلقة على ظلك وتراسلك في أحلامها وعشقها وشوقها أنها بكل بساطة اشتاقت إليك، وهي تحاور فيك نفسها، لتكتب شعرا بقلبها قبل قطرة دم وبعقلها قبل فكرة أو تأمل.. كذلك كانت القصيدة "سأكتب إليك".
التهامي اشويكة
في نسج "مسودن" النثري، يتأرجح الزمن المشوش بباستمرار، حيث يتشابك بتاريخ العراق المتشظي والواهن. يتميز هذا النص بلغة فريدة وشامخة تنقل عدة معانٍ وتستمد الحوافز، متسلحةً بكلماتها وتراكيبها الحكيمة التي تعكس أجنحة جمالية تجسد الأفكار والمعنى. تسلط هذه النصوص الضوء على أهمية الوطن والانتماء، وتعبِّر عن أمل الراوي في مستقبل مشرق للعراق، حيث يستعيد تألقه وتطوره بعيدًا عن الخداع والفساد.
يستخدم السارد (الراوي- بطل القصة) الصور الشاعرية والمجازية لنقل مشاعره وأفكاره، معززًا تأثير النص على القارئ. تشبه "مسودن" أعمالًا أدبية أخرى كـ "رسائل من باطن الأرض" أو "الإنسان الصرصار" لديستويفسكي، حيث تعتبر إحدى الروايات الجميلة الفلسفية العميقة للكاتب دوستويفسكي.
تعكس قصة "مسودن العراق" حالةً سوداويةً وسخريةً، حيث إن العنوان نفسه يتميز بسخرية مقصودةٍ، وأن من حَكَمَ العراق مجانين. تندفعُ الكلمات وسط التوترات والصراعات الاجتماعية في العراق الحزين. يندب الراوي ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه. تتجلى في نسج "مسودن" النثري تجاذبات الزمن المعقد، حيث يتداخل مع المكان.
كذلك تعبّر اللغة عن مشاعرَ حارة و"متناقضة" أحياناً، وإنفعالاتٍ يثيرها السارد. ينتظر الراوي بقلق وتوتر، متطلعًا لمكالمة هاتفية وهو يشعر بالأسى لبُعده عن أحبابه وأصدقائه، ويعاني من ألم الغربة، يتوق لعودته إلى وطنه مع خوفه على مستقبله. يحلم صاحب الرسالة_القاص-الراوي) بفخر الهوية العراقية وتتصوَّرها جميلة ومتسامحة، وتحمل آمالًا في إعادة بناء العراق كدولة مزدهرة ذات حضارة عظيمة. يندفع البطل (الراوي) بكلماته القوية والعبارات الصعبة أحياناً ليكشف عن التوتر والصراع الاجتماعي في العراق الحزين.
يندب السارد ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه، مترقبًا المستقبل. بالتالي، يستكمل السارد رسالته بتسليط الضوء على الجوانب المتضاربة في الواقع العراقي، من الفقر والاستبداد إلى الثقافة الغنية والتاريخ العريق. يندد بالحالة الراهنة للعراق ويعبر عن رغبته في إحداث تغيير إيجابي يعيد للعراق مكانته العظيمة في العالم. تستعرض السردية الجوانب المعقدة للشخصية الرئيسية، وتسلط الضوء على التحولات النفسية التي تعانيها في محاولتها للبقاء والتكيف في ظروف قاسية.
يتميز نص "مسودن" بخطاب شاعري ويستكشف تفاصيل الشعور، يستخدم كلمات تعكس الحالة النفسية المتشابكة للمرسل (السارد). تبرز هنا أهمية الصداقة كقوة محورية في حياة المرسل، وترسم علاقةً فريدة من الاحترام المتبادل بين الطرفين. يتناول الرسالة العراق بحزنه ويصوِّره كبلد يواجه تحدياته، و يتلألأ فيما بين السطور طموح المرسل، حيث يحلم بترسيخ وطن مزدهر يشع بالحضارة ويستقبل اللاجئين منكل العالم .
وقد ركّزَ الكاتب على أحداث العراق من خلال التلميح. تتجسّد الصور والرموز بقوة، تجعل القارئ ينشغل بتفسير النص من خلال الإطلاع على العراق وتحوُّلات تاريخه،. يسلط نص "مسودن" الضوء على تحديات العراق، ويحمل رؤية المؤلف لها.
.
يبرز الكاتب زهير شليبه بمهارته الفائقة في رسالته "مسودن"، حيث تتعدد المعاني في تراكيب جميلة، بسلاسة وسهولة، تغمر السرد بإيقاعها الساحر، مجذبة القارئ وموجهة إياه في رحلة شيقة. تتألق براعة الكاتب في صياغة الجمل. حققت اللغةُ توازنًا فنيًا بين الصورة والمعنى، وتميزت بكلمات دقيقة تستدعي الانتباه وتتناغم مع السرد.
هذه الرسالة رائعة، تجسد قدرة زهير شليبه ككاتب، حيث تأسر الأرواح. تتميز رسالة "مسودن" بلغة فريدة وراقية، تتجلى فيها المعاني والكلمات والتراكيب بحكمة وجمال.
تظهر رموز "مسودن" بين بريق الجمال وقوة الروح، حيث تعزز الثقافة وتضفي بُعدًا خاصًا. توجه القارئ هذه الرموز والرمزية في رحلة فهم وتجربة النص، حملته عبر معانٍ عميقة ومفهوم لا يُحصى.
في رسالة "مسودن"، تُنسج اللغة بلمساتٍ متقنة، حيث تُختار الكلمات بعناية لتجسد المشاعر والأفكار بملموسية. يعتمد الكاتب على أسلوبٍ سرديٍ متقنٍ يجذب القارئ ويحافظ على اهتمامه طوال القصة.
يستعين الكاتب بالصور والتشبيهات لتعزيز الوصف وتوضيح الأفكار ويتم بناء النص بشكلٍ محكم ومنظم، حيث ينسج الأحداث والمفاجآت فيتحقق التشويق غير المفتعل لإبقاء القارئ مشدودًا ومتحمسًا لاستكمال مجرى القصة واستيعاب المعاني العميقة. وتظهرالشخصيات بشكلٍ واقعي ومتطور، مما يعزز تجسيد الأفكار والمعاني.
يُسيطر الكاتب على اللغة بمهارةٍ ودقةٍ، حيث يختار الكلمات بعنايةٍ لنقل الأفكار والمشاعر بجمال وتأثير. بإيجاز، تتميز رسالة "مسودن" ببنيتها المحكمة، حيث يركز على التنظيم العام للنص. تطور الحبكة وتدفق الأحداث يثيران الشغف ويشدان انتباه القارئ لمعرفة المزيد.
يتجسد تطور الشخصيات بطريقة واقعية ومتقنة. يتحكم الكاتب في اللغة ببراعة ودقة، مستخدمًا الكلمات بعناية لتعكس المشاعر والأفكار بوضوح وجمالية. يتجانس البناء السردي بتناغم يخلق الإثارة والترقب. في الختام نتأمل الجمال في رسالة "مسودن" ونتذوق سحر الكلمات وروعة السرد. إنها رحلة أدبية ألهمتنا وأثرت فينا بعمق. تمكن الكاتب زهير شليبه من خلق عالمٍ فريدٍ ومتنوعٍ ينبض بالأفكار والمشاعر، وتأخذنا هذه الرسالة في رحلة مليئة بالتأمل والتساؤلات. تتنوع الرموز والتشبيهات والصور لتصوّر الواقع وترسم صورة تراثية غنية للعراق وشعبه.
زكية خيرهم
تعبق في أوسلو العميقة أجواء الأمل والمحبة، كأنهما ألوان تملأ الحياة بالجمال والإشراق. يجد الشاعر هادي الحسيني، الساحر المسافر، مغرمًا بجمالها وروعتها. يتجول في شوارعها المليئة بالحياة، يشعر بالمدينة وكأنها فراشة تحلق في سماء العشق. تلك الفراشة التي تنثر عبير الجمال وتعزف ألحان الأنوثة. في مدينة أوسلو العاشقة، تتأرجح الأشجار وكأنها تغني للحياة، وهادي الحسيني يحتضن طيور الأماني التي تحلم بالطيران عاليًا. فبكل زاوية في هذه المدينة، تجد المعاني تتراقص والأفكار تتفتح مثل أزهار الورد. إنها قصائد أوسلو، تلك الأبيات الرائعة التي تجمع بين الجمال الروحي والسحر البصري.
كالحدائق المعلقة، تعانق أوسلو قلب الشاعر وتهزه برقة وعاطفة. هنا، تتكلم الصخور والأشجار بألف لغة، تحكي عن تاريخ المدينة وتذكرنا بأننا جزء من هذا الزمن العتيق. وعلى شاطئ البحر، يصدح صوت الأمواج كأغنية حزينة، تروي حكايات الماضي وتحمل آمال المستقبل. في بغداد، يستمد هادي الحسيني إلهامه وعمقه الشعري. تلك المدينة الحبيبة، حاضنة أمواج العاطفة والأمل. هناك ولد الشاعر، في أحضان المدينة التي لا تنام. يتناغم صوته مع شوارعها المتعرجة، ويتلاقى نبضه مع طيور السماء. في بغداد العاشقة، تنساب الكلمات كأنها نسيم الربيع، تنغمس في أنسجة المدينة وترقص على أنغام الشعر. تتفتح الأزهار في حدائقها كألوان قصائد هادي الحسيني، تلك القصائد التي تحمل روح بغداد العميقة.
أوسلو وبغداد، المدينتان العاشقتان، تجتمعان في كلمات هادي الحسيني وقصائده الرائعة. تعكس هذه القصائد رؤية فنية عميقة وروح تجريبية مبتكرة. بين ألوان أوسلو النابضة بالحياة وألحان بغداد العريقة، ينسج الشاعر لوحات شعرية فريدة من نوعها. هنا، يتجلى الجمال والعمق في الأفكار والمشاعر، مع تفتح المعاني وتجلي الصور. قصائد هادي الحسيني تعبق بروح أوسلو وتنبض بحب بغداد، وتحمل رسائل العشق والتأمل والوجدان إلى قلوب القرّاء. تأخذنا هذه القصائد في رحلة شعرية ممتعة، وإلى عوالم جميلة ومفعمة بالحياة. فهي تدعونا للتأمل والتفكير في قضايا الحياة والإنسانية، وتحملنا في رحلة فريدة من خلال التشبيه والاستعارة والصور الشعرية الساحرة. إنها قصائد تتحدث بصدق وعمق، وتعزف موسيقى الروح والأحاسيس، مستحضرة جمال العالم والحياة في تجربة شعرية مدهشة.
القصائد تعمل على استحضار العواطف والمشاعر وتثير الفضول والتفكير لدى القارئ، مما يتيح له التأمل والتفسير الشخصي، وبالتالي تصبح قابلة للتفاعل والاستكشاف. عند النظر إلى القصائد المذكورة والتحليل المقدم لها، ندرك أن التشبيه والاستعارة والصور الشعرية لها دور حاسم في إغناء المعنى وتعزيز التأثير الشعري لهذه القصائد. تسهم هذه الأساليب الشعرية في تشكيل تجربة قراءة شاملة وممتعة للقارئ، حيث يتمكن من استيعاب جمالية الشعر وعمقه والتواصل مع المشاعر والأفكار التي يعبر عنها الشاعر. عند قراءة هذه القصائد، يظهر لنا أن الشاعر يستخدم التشبيه والاستعارة والصور الشعرية لتحقيق عدة أهداف. يستخدم التشبيه للتعبير عن المشاعر والحالات العاطفية، حيث يستخدم صورًا مماثلة للوصف والتعبير عن تأثيرها على الفرد. على سبيل المثال، يصف الشاعر المرأة بأنها "فراشة" تحلق حول الرجل الذي يحبها، مما يبرز روح الجمال والأنوثة في العلاقة. من جهة أخرى، يستخدم الاستعارة لإيصال رسالة أعمق وأكثر تعقيدًا، حيث يعتمد على رموز ومعان مجازية للتعبير عن الحالات النفسية والتجربة الإنسانية. في قصيدة "صافرات الإنذار"، يستخدم الشاعر الاستعارة لوصف الحروب السابقة وآثارها النفسية، حيث تصبح الصفحات البيضاء شاهدة على القتال والذكريات المؤلمة. تعزز الصور الشعرية المستخدمة في هذه القصائد الرؤية الشعرية وتساهم في خلق تأثيرات عاطفية وجمالية. عندما يستخدم الشاعر التشبيه في وصف حديقة التماثيل بأنها "فروة مانور"، يضفي القصيدة جمالًا رومانسيًا ويدعو القارئ للتأمل في هذه الروح الفنية الخلاقة. وفي النهاية، يمكن القول بأن استخدام التشبيه والاستعارة والصور الشعرية يساهم في إغناء المعنى وتعزيز التأثير الشعري في القصائد المذكورة. إنها أدوات فنية تساعد الشاعر على التعبير عن العواطف والأفكار بشكل مركز وملموس، مما يجعل القصائد أكثر تأثيرًا وجاذبية للقارئ. تعتبر قصائد هادي الحسيني التي تجمع بين أوسلو وبغداد ذات قيمة فنية وتعبيرية عالية. يتجلى فيها استخدام ماهر للغة الشعرية وتنوع في الأساليب الشعرية، مثل التشبيه والاستعارة والصور الشعرية. تتميز القصائد بقدرتها على إيصال المشاعر والأفكار بشكل قوي وعميق، وإثارة الفضول والتأمل لدى القارئ. تضفي الصور الشعرية والمجاز استثارة وجمالًا وغموضًا فلسفيًا على المضمون. استخدام الصور الشعرية والمجاز يعطي الشاعر القدرة على التعبير عن مواضيع متنوعة، مثل الحياة، والحب، والزمن، والذاكرة، والتجربة الإنسانية. يستطيع الشاعر من خلال هذه الأساليب الفنية أن يوصل الفكرة بأسلوب فني وتجريبي يدعو القارئ للتفكير والتأمل في الصور والمعاني المستترة.
زكية خيرهم
في حقول الحروف ترتقي أقلام الإبداع، تجلب الكاتبة إيمان الناطور بسحرها الشاعري وحسها المرهف، تنزف عبير الكلمات المعطرة بالأسى والحزن، تنادي بصوت الأمل والصمود في واقع فلسطيني ملتهب. تلوح في أفق الرواية وتعانقها بحنانها، تأخذنا في رحلة لا تنسى بين صفحاتها، حيث تتجلى رؤية الكاتبة الفذة التي تغوص في عمق التاريخ وتأسرنا بقصص الجدات والأجداد المليئة بالحكايا الخيالية والحقيقية. بأسلوبها الفريد وبمفرداتها الشاعرية، تبني عوالم متنوعة تجرفنا بعيدًا عن الواقع المعاش إلى أفق أكثر ملامسة للروح والخيال. تشدنا بقوة ذاتها وعذوبة كلماتها المختلفة والمعبرة، فتتراقص الأفكار في أرجاء النص وتتراقص الأحرف بأنغام الشعر والمشاعر. إيمان الناطور تنبض بالألم والجمال في آن واحد، وتعيد بناء الواقع بخيوطها الشاعرية وأحرفها المبدعة. تزهو إيمان الناطور، الكاتبة المبدعة، بأقلامها الساحرة، ترسم لنا لوحات من الكلمات المعطرة بالأسى والحزن، تروي قصة واقع فلسطيني ترقص على أوتار قلوبنا. تنغمس في أعماق الزمن وتستحضر حكايا الجدود. تنسج الخيال والواقع بألوانها المتعددة. تعبق رواياتها بشغف الحرية وشجاعة الإنسان، تبني عوالمًا متنوعة وتشرق بنور الكلمات المتألقة. تتلألأ أعمالها بالقدرة على صياغة القصص وتخطي الحواجز اللغوية، تلتقط تفاصيل الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال وتنسجها في خيوط روائية تلتهم القلوب. تنساب لغتها برقة شاعرية وجمالية، حيث ترقص الأحرف وترسم المشاهد بألوانها المبدعة. تعبّر رواياتها بعمق عن تأثير الحرب والمعاناة على الفرد وتجسد رسائل تعزز الحرية الشخصية وتحمل الأمل عاليًا. تحليل شخصياتها يبهرنا بتنوع الأفكار وتعدد وجهات النظر، ترسم بكلماتها لوحات غنية بالإنسانية والتعبير العميق. بصوت الشاعر والروائي المتقن، تسرد قصة الفلسطينيين بكل تعقيداتها وتأسرنا بجمالية الكلمات وعمق المشاعر.
تمتاز جدتي بالإنكار، لكنني أجد في عينيها ذئابًا تتواطأ مع أشجار الغابة، على مر السنين ظلت جدتي تلوح لي بالتآمر الذي لم تخبرني به، وما زالت ستارة الليل تخفيه بعد، وها أنا الآن أكبرت، صمت جدتي يغيب لكي أدرك حقيقة التآمر، أفهم الآن أن أشجار الفول لا تصل إلى السماء، وأن عالم العجائب لم يكن سوى وهم ضخم يبتلعني، وأن وطني لم يضيع بل تم فقده بصورة متعمدة، وأن ليلى كانت ضحية للذئاب منذ زمنٍ بعيد. ومن خلال مأساتي العميقة، ينبعث سؤالٌ من أعماق المعاناة، هو سؤال الحرمان من الهوية والانتماء، أتساءل: "هل يحق لجميع الجنسيات امتلاك أرض الفلسطيني، وحده الفلسطيني نفسه يظل محرومًا؟... أعلم أن الفلسطيني يتعرض للاضطهاد، وأنه يحارب لسنوات من أجل حقوقه، غالبًا ما يفقد أحبائه دون أن يستردهم، لأن قوانين الغربان لا تعرف معنى الرحمة". وعلى الرغم من ذلك، يبقى للفلسطيني شعلة الأمل مشتعلة في حكايات الجدات ومفاتيح البيت القديم. بعبقها الشاعري وجمالها المعاني، تستقر رواية "رسائل الخريف الضائعة" في عمقها النقدي وثراءها الأدبي. ترصد تجربة الفلسطينيين بصورة متنوعة وجذابة، تأتينا بلمحات عميقة لحياة الشعب الفلسطيني تحت ظروفه الصعبة. تنقلنا في رحلة روحية مثيرة، نرى من خلالها شخصية ليلى تكشف تأثير النزوح والتشرد، بينما يلقي الضوء على محنة الأسرى الفلسطينيين شخصية حسين. تتناول الرواية مواضيع حساسة مثل الهوية والوطن والانتماء، وتعكس الواقع السياسي والاجتماعي المعقد في المنطقة. بأسلوب سردي متقن وجذاب، تحملنا الرواية في أحضان تجربة شخصياتها المتنوعة وتفاصيل حياتهم اليومية. تستخدم اللغة والأساليب اللغوية ببراعة لنقل رسائلها الأساسية بشكل فعّال وجميل. تشجعنا على التفكير النقدي والتحليلي للواقع الفلسطيني، وتعزز الوعي الاجتماعي. بشكل عام، "رسائل الخريف الضائعة" هي تحفة أدبية تضيء الأدب النقدي والفلسطيني، تعيد لنا تجربة الشعب الفلسطيني بتعدد أبعادها. في شخصيات مثل ليلى نكتشف تأثير النزوح والتشرد على الفرد والمجتمع، وبحسين نشاهد محنة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
في رحاب رواية "رسائل الخريف الضائعة" تعانق العمق النقدي وتغنى الثراء الأدبي، تأخذنا في رحلة ملحمية لاكتشاف تجربة الفلسطينيين بألوانها المتعددة. تتجسد في شخصياتها المتنوعة، من ليلى وحسين، طيف التحديات التي تلتف حولهم. تشدنا الرواية لعالم مرهف يكشف تأثير النزوح والتشرد، ويكشف مأساة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. تمسك الرواية بالمواضيع الحساسة والأساسية في حياة الفلسطينيين، كالهوية والوطن والانتماء والحقوق الإنسانية. تعكس واقعًا سياسيًا واجتماعيًا معقدًا في المنطقة، وترسم الضوء على تحديات يواجهها الفلسطينيون. بأسلوبها السردي الجاذب والمثير، تأسرنا الرواية في رحلة عاطفية للاندماج في حياة الشخصيات وتفاصيلها اليومية. تتألق اللغة والأساليب اللغوية المستخدمة بجمالها وتنقل رسائلها بقوة وجاذبية. تعزز الوعي الاجتماعي وتحثنا على التفكير النقدي والتحليلي للحقيقة الفلسطينية. بوجه عام، "رسائل الخريف الضائعة" تضفي قيمة فريدة على الأدب النقدي والفلسطيني، حيث تجسد تجربة الشعب الفلسطيني بأبعادها المتعددة بشخصيات تأسر القلوب. إنها رواية تحمل ثراء التاريخ والثقافة، تدفعنا للتأمل والاندماج في قصتها الفريدة.
في رحاب رواية "رسائل الخريف الضائعة" تزيد قيمة الأدب النقدي والفلسطيني، بروعتها وعمقها تنقلنا في رحلة سحرية مليئة بالروح والتأمل. تترجم الرواية براعةً وعمقًا تجربة الشعب الفلسطيني بكل تأثيرها، تحمل ثروةً من تاريخٍ وثقافةٍ في صفحاتها، وتجعلنا نتأمل ونتوغل في رحلتها الفريدة. تنبثق منها رسائلٌ عميقة تكشف تحديات وتطلعات الشعب الفلسطيني، وتداعب أحاسيسنا وتستفز عواطفنا مع قصتها الملهمة. تكشف عن قوة الأدب وقيمة الفن في رحابتها، تعتبر "رسائل الخريف الضائعة" فنًا فلسطينيًا رفيعًا يستحق التأمل والاستيعاب. تسحر القلوب وتحرك العقول للتفكير والتأمل في قضايا الإنسان والمجتمع. تجسد براعة الرواية بشكل كامل تجربة الشعب الفلسطيني، وتسلط الضوء على مسائل هامة كالهوية والانتماء والحقوق الإنسانية. تقدم قراءة نقدية قوية وعميقة، تعكس دراسة شاملة للشخصيات والأحداث والمواضيع واللغة والبنية الدرامية والرموز. تتجلى روعة هذا الفن الأدبي المتكامل في توازنه بين العناصر الفنية والمحتوى العميق. وليس ذلك فقط، بل تعزز الرواية التعاطف مع القضية الفلسطينية ونضالها، وتشجع القراء على التفكير العميق في المسائل الإنسانية والاجتماعية التي يواجهها الشعب الفلسطيني . بعد تجربة قراءة رواية "رسائل الخريف الضائعة"، ندرك أنها تمتاز بإثارة التأمل والتفكير. تحمل قصة الشعب الفلسطيني بألوانها المتعددة وتكشف عن صراعاته وتحدياته المتعددة. تنقلنا في رحلة روحية مشوقة، نشعر من خلالها بقسوة الواقع وتأثيره على الفرد والمجتمع. تستعرض الرواية مواضيع حساسة وقضايا إنسانية عميقة مثل الهوية والانتماء وحقوق الإنسان. تبرز القوة الروائية للرواية من خلال استخدامها للغة الجميلة والأساليب الأدبية المتقنة. تتميز بوصفها رحلة مثيرة وتوازن فني ممتاز بين الواقعية والتجريبية. تعزز قوة الرؤية وعمق الفكر في كلماتها وأحداثها، مما يلهمنا للتأمل والاندماج في تجربة الشخصيات والمواقف التي تعيشها. باختصار، رواية "رسائل الخريف الضائعة" هي أعمال أدبية رائعة تنقلنا إلى عالم الشعب الفلسطيني بأسلوب سردي مدهش وعمق فكري ملهم. تعكس التجربة الفلسطينية بكل تعقيداتها وتحمل رسائل هامة تتعلق بالإنسانية والعدالة الاجتماعية. تستحق هذه الرواية الفنية الاستكشاف والاستمتاع بها كمصدر ثمين للتأمل والتحليل.
في بياض الصفحات، تنثر الرواية أنغام الوجدان، تلمس أوتار الروح وترتقي بالأفكار إلى عالم الفن. إنها أكثر من مجرد حكاية، فهي نهضة للإنسان ونضال للوطن، تسعى لترسيخ الوعي وتنبيه الضمائر. تحثّ على التعاطف والتضامن، وتدعو القارئ للوقوف مع الشعوب المظلومة، بدءًا من الفلسطينيين الأبطال. يجسد أدب هذه الرواية الوجع والأمل، ويروي قصة شعب يصارع الظلم ويحمل في قلبه رغبة جارفة في الحرية والعدالة. بغض النظر عن خلفية القارئ، ستتسلل الرواية إلى دواخله، تتغلغل في عمق الوجدان وتعزف ألحان المقاومة والأمل. في عبق كلماتها ترقص الحقائق، تنزف الأحداث والمواقف، وتعبث بالخيال بأسلوب شاعري يسكب المعاني. وعندما تصل إلى نهايتها، تفتح "رسائل الخريف الضائعة" أفقًا جديدًا للتأمل، وتطلق أسئلة تحوم في فضاء الذات. إنها رحلة فريدة في طرقات الوجدان، تلمس الجراح وتنشر الأمل، وتجعلنا نستشرف المستقبل بثقة وإيمان.
زكية خيرهم
قراءة في ديوان "رقصات بباب البحر
قربانا
لهيرقل عشيق الموجات "
للشاعرة الدكتورة مليكة بنمنصور.
عنوان القراءة: شعر بنبض الوجود والحياة، شعر مكتمل بدره بعيد غوره.
مستويات القراءة:
_مدخل: شعر يصغي لنداء الموجودات موله بها.
_كدت أقول التماهي، فكرة حدستها ثم لقيتها Eurica!.
_المنظورية الشعرية أو انبناء الرؤى، رؤى مفتوحة ومنفتحة. اكتشاف الوظيفة الاستعارية للوجود ونأي عن التصور الواحدي.
_رقصات بباب البحر:الجمال الفائق المتدفق
_التناص:حضور مكثف لتناص متعدد، اسطوري، شعري، ديني، تاريخي وفلسفي = استدعاء وتحويل.
_أفاق الإنتظار والتوقع: إبداع متمرد(فنيا )متجدد، استجابة أم تخييب؟.
_خاتمة :النهاية عتبة البداية: في شعر الرقصات الإنسان جار العالم وصديق له(هيدغر )وليس سيدا عليه.
مدخل:شعر بنبض الوجود والحياة، شعر مكتمل بدره بعيد غوره.
الدخول إلى عالم الموجودات، إلى الحياة من بابين، الواحد منهما يفضي إلى الأخر. باب البحر مفتوح على السماء، الشمس والضياء، الأشجار، الطيور والماء، النجوم والكواكب، الانهار والتراب والهواء والبهاء...لا شيئ هنا يوجد معزولا عن التفاعل الحيوي المستقطب لحس الشاعرة المرهف ." ما ثمة اين ولا عين " إلا وشعرها فيهما يظهر، يتجلى وينهمر. اناشيد البحر لحن وحلم بحجم البحر، وبحرها لا ضفاف له. الموجودات والذات أو الذاتي والانطولوجي، هنا، بينهما برزخ فيه يلتقيان وجسر للعبور ذهابا وايابا. شاعرية الذات والموجودات تتماهى. شعر ينطق الموجودات مستدرجا شاعريتها في رؤى يسكنها العشق. كل ما في الكون يتم استدعاؤه ليشارك الشاعرة رقصاتها الفرحة الجذلى. فارسة الشعر منجذبة أكثر إلى صاحب الصولة والصولجان البحر. فكان هذا الإبداع المبهر كما هو ابهار البحر. قصائد بحرية، مائية، ضوئية، ترابية، سماوية...."ايتها الموجة اتبعيني ".إلى أين؟.إلى الأعالي. مفعم هذا القول الفني بالشعرية، بالانسياب بالتفاؤل والتجدد والخرق والتكسير بمحبة لامشروطة...شعر مفعم بالحركية، يستحم في نهر هيراقليطس ويرقص مدا وجزرا، يترقرق كما الماء والضياء، يعتصر رحيقه من رؤيا وجودية لماعة كالبرق والشهب والشمس والنجوم والقمر. اناشيد يحاكيها الوروار والهزار، فالفنان، يقول هيجل لا يحاكي غناء العصافير لان غناءها من جبلتها وغناء الفنان(الشاعر )لا يحاكى "حتى ولو كان يصدم بغرابته من اعتادوا لونا معينا "(مظفر النواب، ص 5في الديوان ).الغرابة مصدرها مألوف المتلقي والإبداع هاجسه التجديد والصيرورة .إبداع صائر وعاشق بحجم عشيق الموجات شهريار البحر والبر..الحركة والتجدد هما القاعدة والسكون عابر ومريب "هو البحر هو البحر _في عشقه المتهادي من الاجراف الى الاجراف _وفي سكونه المريب _عبر المراحل والأزمان"(ص 15في الديوان ).
شاعرة الرقصات متفاعلة شاعريتها بلا عقد، لكن بتعاقد حر طليق مع شاعرية الموجودات تنسكب في أبهى وأسمى "الكلمات(جان كوهن، الكلام الأسمى les hauts paroles ).
محمد بوحاشي
حللنا بالأقصر يوم 06 فبراير ولدينا رغبة ملحة لزيارة معبد حبشتسوت ومعبد الأقصر( رمسيس التاني) ومعبد إيزيس ووادي الملوك والملكات بجبل الجرنة.
حبتسوت أول ملكة فرعونية حكمت مصر وقد شيدت معبدها لرصد تاريخ حكمها وسُمي بقدس الأقداس،والعجيب أنها حكمت بسنين عديدة قبل كليوباطرا،كان ولدها تحتمس الثالث صغيراولذلك عُينت مكانه.
معبدها يقع بالدير البحري ويتكون من ثلاثة مدرجات متصاعدة يقسمها طريق صاعد.
أثار استغرابي وجود أطلال منازل بساحة قرب المعبد،وقد سألت الدليل وأخبرني أن المحافظة أمرت بهدم منازل بنيت عشوائيا قربه للمحافظة على المقابر الفرعونية والآثار التي لازالت لم يُنقب عنها،والناظر لقمة الجبل الذي يحتضن هذا المعبد سيلاحظ أن به آثارا ستحتاج إلى ملايير الدولارات لمتابعة الحفر والتنقيب.
أمام هذا المعبد تماثيل لها ولأوزيريس.
أعجبت بهذه الملكة التي حكمت مصر22 سنة! كانت تتنكر في زي الرجال وحتى تمثالها وجهه أنثى وجسمه على غرار أبي الهول.
في عهدها صُنع النبيذ من الثمر وانطلقت رحلة قافلتها التجارية300 كلم من الواحات ولأول مرة عبر البحر.
عُثر على وثائق مكتوبة على البردي وقد سطر فيها حقوق الزوجة على زوجها!!
وخاطبتُ هذه الملكة وقلت لها:
بوادي الملوك رأيتك
وقد قذفت التاريخ بأحجار
أنت هي الأنثى في ضفاف النيل
وحكايات لك بلباس الذكر!.
بالبر الشرقي حيث مقر عبادة الثالوث المقدس في العقيدة الفرعونية تعرفنا على معبد الكرنك ومعبد الأقصر.
بمعبد الأقصر مسلات نقش عليها إنجازات رمسيس التاني وتماثيل ضخمة ،سبعة منها واقفة وتمثالان جالسان وقد بلغ ارتفاع كل تمثال سبعة أمتار،هُدم بعضها في القرن الرابع قبل الميلاد من قبل الفرس. كل مسلة يبلغ طولها حوالي 23 مترا. قاعة الأعمدة مدهشة وقد زينها تاج على هيئة نبات البردي وتماثيل برؤس أكباش .
أمام البوابة 1 جنوب قصر أبي الهول بقيت مسلة واحدة والتانية هي بفرنسا حيث قدمت سنة1836 لشارل العاشر على يد محمد علي باشا.
يطالعك ولحظة إنارة مسجد جامع( أبو الحجاج) الذي تم تشييده بالقرن 13 الميلادي انك أمام عظمة الخالق ،يُذهب قوما ويأتي بغيرهم وتلك آثارهم باقية..
وتعتبر معابد هابو من أهم المعابد التي شيدها رمسيس الثالث وتعود ل3200 سنة قبل الميلاد.
على جدرانه قصص تحكي تاريخة والحملات التي قادتها سيخمت وزيرة الحرب وتسجل معركة قادش التي انتصر فيها رمسيس التاني على الحيثيين.
وبوادي الملوك لا زال قبر رمسيس التاني غير مسموح بزيارته وهو ضمن مجمع معابد الكرنك التي تضم 60 مقبرة.
بقلعة صلاح الدين الأيوبي،يوجد سجن نقلَنَا عبر التاريخ بين الإمس واليوم وقد تغيرت الزنازن شكلا وبقيت مضمونا،زنازن بالأمس مظلمة ضيقة،تذكرنا بسجون تاريخية في الأندلس ولندن ومكناس حيث لا زال ( حبس قارة) وقد ترامت أطرافه خارج أسوار المدينة في دروب ودهاليز، وامتد لكيلومترات طالما تاه في دروبها المغامرون،قبل أن تغلق بعض مساربها.
توجهنا بعد ذلك لمتحف السلاح،حيث ينتصب في مدخله تمثال إبراهيم باشا(1789-1848)،وقفنا أمام أسلحة ثقيلة توثق للسنة1973.
وعدنا للتاريخ عبر الصور الفوتوغرافية،أرخت المقاومة المصرية الشعبية ضد الهيمنة البريطانية( كومندو بريطاني في محاولة لاقتحام مبنى المحافظة في الإسماعيلية،مع صور من صحيفة: المصري،وتخص المعركة مع صور لقادة هذه المعركة وبينهم الممثل المصري صلاح ذوالفقار).
تابعنا مسيرتنا الاستطلاعية اتجاه مسجد الرخام،له باحة رخاميةجميلة وأعمدة بين اللون الرمادي والأبيض.
قاعة الصلاة بالمسجد كبيرة مدهشة بثريات جد كبيرة كانت تحمل الشموع وتحفظها بإطارات زجاجية.
المحراب في غاية الجمال وروعة الشكل الهندسي ودقة التركيب الذي يعكس مهارة الصانع المصري.
غادرنا المسجد لنطل من الأسوار على القاهرة القديمة ومعالمها،وعلى ورشات التنقيب المستمرة بجانب القلعة،تظهر منها أقواس وشبه غرف،من آثار المرحلة التاريخية العظيمة.
كنا نود زيارة المتحف الكبير الجديد ولكن للأسف لا زال لم يفتح أمام الزائرين،وربما لعدم إتمام عمليات تهم نقل التحف التاريخية ومعالم التاريخ الفرعوني المصري.
كان المساء قد حل ولنا حرية السياحة دون مرافق،وبالتالي أخذنا سيارتي أجرة وتوجهنا نحو (مول) كبير يتكون من عدة طبقات وقد زادته الإنارة جمالا،حيث أخذنا وجبة العشاء بمطعم جميل وبمجرد ما علم صاحبه أننا مغربيات،بدت على وجهه سعادة كبيرة فهو يعرف المغرب وقد زار الدار البيضاء سابقا.
كنا نتحدث طبعا باللهجة الدارجة وكانت بجانبنا مائدة بها أسرة ليبية كثيرة العدد ،بين الجد والجدة والأولاد والأحفاد،وسرعان ما تقدم الأب مناليبلغنا تحياته وتقديره للمغاربة،وكأننا نجتمع على مائدة الجامعة العربية،إلا أن الود بيننا أكبر وأكثر.
عدنا لقواعدنا سالمين وفي الصباح توجهنا لزيارة مسجد الحسين وأزقة السوق القديم حوله.
كان بعض التجار يتوصلون معنا بالأنجليزية،وبمجرد ما نخبرهم أننا من المغرب،حتى تلين ملامحهم بابتسامات وترحيبات.
السوق العربي القديم يتشكل من دروب وأزقة ،تُعرض فيها البضائع التقليدية والحديثةوهذا نشاهده في كل الدول العربية وكذلك في بعض المدن التاريخية عبر العالم.
التاجر المصري مهذب، لبق، حلو الكلام مع نوع من الإلحاح على تقديم سلعته وواجب الضيافة وهو مشروب الكركديه.
توجهنا لزيارة مقهى نجيب محفوظ ولكن الحارس أخبرنا بأن فوجا سياحيا من غير العرب،قد حجز المقهى.
خرجنا من السوق إلى الساحة قرب المسجد ودخلنا مقهى المالكي وهو مقهى شعبي تأسس منذ القرن الماض. تكالب علينا باعة من كل صنف ومعهم بعض السلع ،كان بودنا أن نسترضي بعضهم باقتناء بعض الأشياء ولكن هذا غير ممكن،ومع ذلك فقد استطاع أحدهم أن يقنعنا بمعروضاته وبشدة إلحاحه.
كلنا كانت لدينا رغبة في التعرف على الأقمشة القطنية المصرية،لما للقطن المصري من جودة عالية،فتوجهنا نحو حي العتبة،هذا الحي شديد الازدحام وهو يشبه كثيرا بعض أسواقنا المغربية الشعبية. تجولنا ودخلنا الأزقة، بعد ما شاهدنا تجار الجملة،ليشتري بعضنا بعض الأثواب من التجار الصغار،كل هذا ومرشدنا يحرسنا ويوجهنا.
كانت الليلة الأخيرة في زيارتنا لبلدنا الشقيق مصر،وعند عودتنا للفندق كان الليل قد أرخى السدول وعلينا تناول وجبة العشاء والخلود للنوم،لنستعد لحزم حقائبنا.
إخترنا مطعما لبنانيا بفندق هيلتون هيلوبوليس لتناول طعام العشاء،وكان اليوم هو عيد الحب،وبالتفاتة كريمة قدم لنا صاحب المطعم ورودا وزعها علينا تحية منه، وهي حركة ستبقى ضمن ذاكرة كل منا عن مصر المضيافة ودماثة أخلاق أهلها.
جاء الصباح ومشاعر كل منا، بين اشتياق لبلدناوبين إحساس اننا لازال في مصر أشياء جميلة لم نشاهدها.
زرت مصر وهاجس عظمة التاريخ الفرعوني يسكنني،لم أكن أشاهد بعض مساوئ العربي في مصر ،فلنا كذلك منها في بلدنا ،ولم تكن الغاية التبضع بصورة مَرَضِيَة ولا مشاهدة أقارن فيها بين السياحة في دول غربية وبين دول عربية،كنت أشاهد عظمة مصر القديمة وأتذكر معها حضارة بعض الدول العربية،قبل اندحارها وتقهقرها،لأسباب متشابكة متداخلة يذكرها التاريخ..
وإلى رحلة تانية إن شاء الله أزور فيها مدنا مصرية أخرى.
بعد الغذاء تابعنا الطريق عبر الممرات المؤدية
للفندق حيث تعرفنا على ميدان التحرير وعلى
بعض معالم القاهرة ثم عدنا للفندق للاستراحة
في انتظار متابعة برنامج الرحلة ليوم
تابعنا برنامج الزيارات يوم 3 فبراير بعد وجبة
الإفطار، حيث نقلتنا الحافلة لزيارة متجر لبيع
العطور التقليدية بالطريقة الموغلة في تاريخ
الحضارة الفرعونية، من أعشاب وورود
وأزهار، للاستعمالات المختلفة الطبي والتعطر
وبقوارير زجاجية غاية في الجمال. شربنا عصير
الكركدي كواجب للضيافة وتمتعنا بشرح مطول
حول الأنواع والاستعمال. بعد ابتياعنا لبعض
العطور تابعنا المسيرة نحو متجر لعرض
اللوحات المرسومة على ورق البردي وتعرفنا
على هذا النبات وطريقة التخزين والتنقيع
والتصنيع. كانت لوات مختلفة الأحجام
والأشكال بشرح وافي وبابتسامة وضيافة كريمة.
كان لديهم تقنيون يكتبون بالحروف الهيروغليفية
حسب الطلب لوحات فنية تؤرخ لمصر
الفرعونية مثل صور لنفرتيتي وأخناتون وتوت
عنخ امون ورموز لهذه الحضارة.
حل الظلام وقد نال منا التعب فتوجهنا لإحدى
المطاعم الشعبية حيث تناولنا وجبة
العشاء، وبعد ذلك توجهنا لمحطة القطار حيث
سنقضي الليلة في مضاجع القطار للتوجه نحو
أسوان وهو حلمي للتمتع بعبق التاريخ، كانت
الرحلة متعبة بسبب طول المسافة حيث دامت
من الثامنة والنصف ليلا إلى العاشرة والنصف
صباحا.
مأثار انتباهي عند انتظار القطار هو قدم المحطة |
وعدم الاهتمام بدورة المياه من حيث التجهيز
ومن حيث النظافة فقد كانت المياه الوسخة
تملأ المكان والروائح الكريهة تزكم الأنوف،كما
شاهدت قطارات مرت أمامنا تذهب لسوهاج
في منتهى القدم وكأنك تشاهد قطارا من أفلام
الويسترن !
كان القطار في طريقه مزعجا بأصوات الفرملة
المتكررة وبرضخ باب المغسلة الصغيرة التي غير
قابلة للغلق وأما المرحاض فحدث ولا حرج !
بدأ بوادر الفجر ولم يغمض لي جفن والفراش
سيء هو كذلك فأزحت ستار النافذة وبدأت
المتعة بمشاهدة محافظات الصعيد الجميلة
ومنازل تحيط بها الأشجار والتخييل
والخضرة،وكأنني أشاهد فيما مصريا قديما !
أخذتن الحافلة للسفينة بأسوان لقضاء ثلاثة أيام |
والتي بعد الغذاء بها سنتوجه لزيارة السد العالي.
كانت السفينة جميلة مجهزة أحسن تجهيز
والغرف واسعة جميلة وكذلك المقهى
والمطعم. بعد استلام الغرف وتناول وجبة
الغذاء المتميز بالتنوع ومهارة الطبخ والتعامل
الطيب ،توجهنا لزيارة السد العالي بأسوان.
تشكل السينما فضاء تفاعليا بين الذات و الموضوع المركب في الإخراج السينمائي. و يشكل الوعي طريقا للتجاوب بين الرسالة المرسَلة والمرسَل إليه. هو طريق لتفاعل الحواس في تركيبتها الشخصانية التي تجعل لكل وجبةٍ وصفةً معينة: وكما تجعل لكل لحظة تأثيرا معينا مرغوبا قصديا أو غير مرغوب و لا منتظر.
وتأتي أهمية الفن السابع من تاريخه الطويل الذي خلَّده خلال القرن العشرين ، وهذه البدايات من القرن الواحد والعشرين. تاريخ سجل ابتكارا اختراعا، وسجل اختراقا لعالم الصورة المرئية والمتحركة، والتي دوَّنت لبداية عالم افتراضي يحلم كل متلقٍّ أو سامع به أن يخترقه ويعيش في فضاء أحلامه. كما سجل إقبالا جماهيريا كبيرا تنوع بين القاعة الكبيرة والشاشة الضخمة، وبين الساحات المفتوحة التي تعكس الفرجة بجدار أو إزار.
هكذا انتظم المتفرج بالأعمار والأجناس، وانتظم داخل استهلاك وتذوق منتوج فني إعلامي ورسائل سياسية وثقافية، وتواصل معرفي و اجتماعي إنساني، عبر هذه السينما ـ الفن السبع ـ التي احتلت ترقيما مميزا هو رقم 7 ، ربما رمزَ و يرمز لسقف العطاء في آفاق السماء، وحد الاشتهاء على بوابات الأمل والرجاء.
إنها السينما التي اصبحت مرافقة لكل رسالة فنية وثقافية وسياسية، والتي ترجمت العوالم، فكانت خير سفير ينقلنا للتعرف على المجتمعات و الثقافات ، كما ينقلنا لعيش مغامرات ، ما كنا لنقوم بها لولا تعلقنا بالبطل و السيناريو و الحبكة و الخدعة التقنية في التصوير و العرض ...و كان العشاق بدرجة عملية الإنتاج ... و تطورت المؤسسات الساهرة ن و أصبح مال و اقتصاد مرتبطان بقطاع خاص و مجال خاص ، هو مجال السينما ... بين الشرق و الغرب ، بزغت مدن فنية إنتاجية خاصة بالحياة السينمائية ، بين هوليوود وبوليوود ، كانت الفضاءات و لا زالت قائمة بتمويل ضخم و سياسة كبيرة متعلقة برسالة السينما ، و سينما الرسالة ... هذه الرسالة التي اراد الكل و يريد الكل أن يُحملّها مشروعه و خطابه و مطلوبه و أهدافه ... فكان أن ركب باخرتها الإنتاجية رجل الدين و السياسة والاقتصاد و الرياضة.
كانت هذه المقدمة استئناسا باستحضار أهمية هذا الفن في عوالم الحياة المتشعبة. تنقلنا للحديث الآني عن موضوع شغل بال المتفرج و المتتبع لسلسلة جيمس بوند 007.هذه السلسلة المتتابعة من الأفلام ذات الرسالة الواحدة و المرموزة والمعقدة في آن. بالرجوع إلى التوثيق التاريخي لسلسلة جيمس بوند007، هذه السلسلة المتتابعة من الأفلام ذات الرسالة الواحدة والمرموزة و المعقدة، نجد مثلا في موسوعة ويكيبيديا تناولا تاريخيا لقصة ظهور الشخصية الحقيقية وارتباطها بخدمة العرش البريطاني. كما نجد تاريخ ظهور الكتب المؤلفة حولها، ابتداء من سيرة الجاسوس في خدمة الملكة، و تتبعا للمؤلفات التي وضعت لخدمة الإخراج السينمائي للسلسلة.
هكذا يمثُل أمامنا المنتوج متكاملا كمشروع يدعونا لتتبع حلقاته و استيعاب رسالاته و التمتع بتشويقاته وروعة أدائه الفني. فأي مقاربة ستحصر تناولنا لهذه الأفلام، حتى لا نتيه في بحر المعاني والصور التي تغرق بنا فيها سفينتها؟
من زاوية المتلقي، يجد في البطل نموذجا للقوة والتحدي و الشجاعة والوسامة ومتعة العيش. يجد فيه روح الإخلاص لعرش وحكم وملكة. رسالة حياة متوجة بمغامرات بأجمل لباس، أحسن عطر، وأرفع إقامة وسفر و متعة بين جزر الأحلام، وتقنيات الاستعمال من آخر طراز. ولعلها قدرة السينما السحرية التي غار منها السياسيون في إمكانيتها خلق تماهٍ بين شخصية البطل والمتلقي ـ المتفرج. حيث لا يمكنه أن يبقى بدون تأثر نفسي وغددي ومعنوي حواسي مع الشخصيات الماثلة أمامه نصف واقعية، يقع حلوله واتحاده معها ـ بلغة المتصوفة ـ عبر جانب شخصيته الذي يتكون من الأحلام والخيال والأمنيات و نسبيات التفاعل مع ثوابته وأمنياته المتغيرة المرتبطة بالواقع. وهنا تدخل مكونات في صناعة البطل، وفاعلون اقتصاديون وتجاريون إشهاريون في عرض منتوجهم المتنوع، تمهيدا لترويج سلعهم عبر العالم المتلقي لرسالة الفيلم والمتعلق بشخصية البطل، بدءاً بالرجال والنساء، ثم الأطفال. بدءا بالعالم الغربي نفسه، ثم انتقالا إلى العوالم الأخرى المرتبطة بمواكبة الركب الحضاري الغربي. أكانت من دائرة المرْضي عليهم بالمنظور الإمبريالي الحضاري الغربي، أو من دائرة الخصوم الذين هم كثر، والذين تتم استمالتهم للانتقال و تمني تغيير الاختيار. وتلك لعبة نجح الغرب فيها في الحرب الباردة التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، وهي حاضرة و مستمرة في سلسلة جيمس بوند السينمائية مع ممثل جديد سيتم استبداله باسم آخر تنتظره وسائل الإعلام بشوق وتحفيز، يخلّد أداء سابقيه: دانييل غريك، بيرسبورسمان، تيمو تيدالتون، روجي مور، جورج لازنبي، سين كونري.
يتبع...
حسن إمامي
الجنتلة...تهمة جديدة تلاحق الرجل
المرأة كائن ضعيف، مضطهد ومظلوم...غالبا ما رددت هذه العبارات في أغلب كتاباتي لأنها فعلا ظلت ولسنوات طوال تجاهد وتصارع لتغيير وتفعيل قوانين عديدة من أجل نيل حقها والعيش بكرامتها في مجتمع ذكوري يناصر الرجل ويدين المرأة حتى لو كانت مظلومة.
من الجرائم التي عانت ولازالت تعاني منها المرأة وخصوصا في الدول العربية، التحرش، الجريمة التي تخدش حياء وكرامة المرأة وتنتهك جسدها وعفتها، لكن التعديلات التي طرأت على القوانين في معظم الدول هي بمثابة انتصار جديد لها، خففت نوعا ما من الانعكاسات النفسية التي تلحق بها بسبب هذه الظاهرة.
لكن وبسبب الاهتمام الكبير الذي وضعته كل الدول والذي يتمثل في الإجراءات السريعة والرادعة كانت سببا في تشجيع بعض ضعيفات النفوس على تقديم بلاغات كيدية ضد أشخاص كانت تربطهم علاقة صداقة او علاقة عائلية أو ربما علاقة عمل، مستغلين المناخ المجتمعي العام الذي يعادي هذه الظاهرة اللأخلاقية، فتتجه وببساطة شديدة إلى إقامة دعوى باطلة بهدف التنكيل والتشهير ب "الرجال" أو الانتقام منهم، فتتسبب تلك البلاغات في الزج بأبرياء خلف القضبان أو وضع آخرين في مواضع الشبهات بعد التحقيق معهم واحتجازهم في مراكز الشرطة لأيام أو ربما لشهور، ليصبح بعد ذلك حاملا لصفة العار التي لا تمحى: "سبق اتهامه بالتحرش".
بالرغم من سهولة الزج بأبرياء في تهمة التحرش، لكنني لا أشك إطلاقا في نزاهة القضاء أينما كان و لا أشك أيضا في حنكته أو طريقة عمله التي تستند إلى القوانين كما تعتمد على الذكاء والفطنة، فهذه الجريمة تحتاج الى أدلة وقرائن عديدة كما تحتاج إلى قراءة ما بين السطور ووحده القاضي بالشرعية الإجرائية وبعقيدته له القدرة على تجميع الصورة وفك الشفرة.
عصر "الجنتلة" انتهى، عصر المجاملة والاستلطاف والاستظراف انتهى أيضا، لا يحق للرجل اليوم أن يرفع الحواجز بينه وبين المرأة غريبة كانت أو قريبة، المجاملة اليوم في عصمة المرأة حتى يتجنب تهمة التحرش طالما أصبحت النساء اليوم يتمتعن بقانون صارم يحمي حتى المدعيات منهن.
هند صنعاني
في قراءة وجيزة لرواية لطيفة حليم الجديدة وعبر شذرات متقطعة،أثارتني تقنية كتابتها،التي تخطت تقنية السرد كركيزة مسيطرة تبلور رسالة الكاتب،إلى آلية تقفز بالقارئ إلى رفوف الكتب،وتجبرك للعودة لعالم ذخائر الكبار في التاريخ والسياسة وعالم الإنسان المتأمل للحياة والكون،وترسل رسائل ملغومة عبر إشارات تردك لاسترجاع معلوماتك،وهي تمسح غبار الأيام عن كتبها القابعة بالرفوف.
في كتابة لطيفة حليم تتقاطع العوالم وتتوازى لتستفز القارئ اللبيب فيتمعن في حال واقعنا العربي، بعيدا عن الاستفزاز الجنسي.
بقفزات نوعية تعطيك صورة موجزة للمثقفة العربية المحجوزة داخل تركيبة غريبة في عالم غريب،تركبه الموجات الطاغية من موضات صنعها الكبار،وكأنها ترصد خريطة المسار الصعب.
هي لا تصف عورات الجسد ولا تسرد تفاصيل للإثارة،ولكن تُلاعب القارئ وتختبر قدراته على القراءة والمسايرة لخط عرض المفاهيم،هي حبال كثيرة تحتاج انتباها كبيرا،وعلى القارئ تجميع كل الخيوط.
سلكت الروائية الوعر من التقنيات الحديثة،معتمدة على الثقافة المرتبطة بالوعي السياسي.هذه التقنية جديدة على القارئ العربي،خالية من التطريز البلاغي،والتأثير الغريزي،ورؤيتها تشرف على قراءة الأحداث،من زاوية نعطينا نظرة حول مشاكل متعددة تتعلق بالمسكوت عنه…
لطيفة الغراس
عندما قرأت تقديم الرواية،وجدت أن الكاتبة امرأة تحاول مقاومة الظلم بأنواعه،في عالم الاغتراب وبنوع من التحدي.
وعند القراءة لا بد أن نربط عالم الرواية من خلال سياق اجتماعي وفكري للمرأة المغربية المناضلة.أحلام من المحيط هي أحلام نساء ضخم الإعلام في مخيلتهن حلم الهجرة نحو الأفضل،في مسيرة بحث عن الجنة الموعودة ! هي سيرة نساء يجمع بينهن الانتماء للمغرب،وكلهن واجهن إحباطا وصدمات غيرت مسيرتهن.
مشاكل الغربة والمتعلقة بالواقع الاجتماعي وضغوطات الأعراف،وضيق ذات اليد،مع بلورة تأثير العنف المعنوي والمادي في مجتمع يقوده العرف ويشجع الفكر الذكوري المتسلط،بعنفه وتطرفه.عندما تضع الكاتبة تحت المجهر واقع بلاد المهجر بالغرب والذي يتمتع بهالة حقوق الإنسان،تجد العنف هو نفسه…
وتشرح هند صنعاني هذا الواقع وتجد أمامها الباب المغلق الذي لا يمكن لقوانين الغرب أن تكسرها،فحلم الضعفاء يرتبط بدواخلهم،بالموروث من تقاليدهم وهم يعيشون في كيطوهات حملت معها هذه الأعراف،وهم في هذا التقارب السكني المهمش أحيانا في بلاد المهجر،كأنهم يبحثون عمن يدفع عنهم وحشة الاغتراب ويقيهم قسوة البرد بكل معانيه المادية والمعنوية.
وهكذا تتجمع الأقليات المهاجرة في دوائر مغلقة وكل مهاجر يحمل الإناء الذي كان يغرف منه ببلده،لبلد الإقامة الجديد،فتضيق السبل ويبقى السؤال : هل هو القدر أم سوء التقدير والاختيار عند حلم الهجرة ؟
ويستمر تكريس العنف بكل أنواعه المادي والمعنوي.
الرواية صرخة ضد العنف وضد الاغتراب،وحتى عندما تختار الأنثى الهجرة لبلد عربي،تجد نفسها كالفراشة تحترق بالنور الذي عشقته، وتفقد المغتربة بوصلتها،فلكل بلد قوانينه وأعرافه رغم توحد العرق والدين،والخطأ هو في تصورها للعنف الذكوري…
الكاتبة من خلال السرد ترى أن البحث عن الاستقرار والحماية يكمن في الزواج ويكون التسرع في عقد زيجات فاشلة تضيف مشاكل أخرى وتخلق المزيد من المعاناة.الرواية حكايات لنساء مورس عليهن العنف وأفضى لنهايات مأساوية،في ظل واقع يفتقد الحماية الاجتماعية والقانونية.
وطالما تكسرت الأحلام على أرض الواقع،ومع ذلك فهل يمكن أن نحرم الإنسان من حق الحلم؟ومن حق الرغبة في التغيير؟
وحتى الذكور في ممارستهم للعنف ،لا يعلمون أن وراء ذلك الإرث النفسي والاجتماعي الذي ينتقل عبر التربية وعبر الأجيال،وكذلك لضعف مدونة القوانين التي تحد من الظاهرة،وشيوع الأمية والجهل.
الرواية تحمل أ نينا نقلته لنا الكاتبة بلغة حزينة،وأنهته بدعوة العودة للوطن حتى لا يتحول الحلم لكوابيس…!
كان ولا زال التاريخ ينحت في خيالي عشقا،أصنع منه دوائر تلتقي بين الشرق والغرب وأضع له يولا تلتقي بالحاضر.مضت سنوات طويلة قبل أن تعود قبلتي للشرق لا للغرب،زرت لبنان ووقفت أتأمل سهل البقاع وآثار بعلبك،ومر الزمان وأنا أحلم بأهرامات مصر والحضارة الفرعونية،عندما كتبت قصيدتي حول إيزيس ومطلعها :في حلمي الغريب سألت إيزيسلو عدت يوما وفي معبدك أسماء من ديوان: ذيول الذكرياتكان يسكن خيالي،حكايات من ضفاف النيل، فقد أثارت مشاعري قصص من أرض طيبة ،خصوصا وأنا أعجب بنساء عبرن التاريخ بأوسمة المجد والعظمة،وكيف لا ترسلني الدهشة إلى وادي الملوك وإلى جبل الجرنة حيث معبد حتشبسوت الملكة وخيالي يصنع هالة لملكة بلباس الذكر وقد قذفت التاريخ بأحجار تشهد على العظمة والحكمة والذكاء.كانت بداية الرحلة مع أفراد من عائلتي،من مطار الدار البيضاء في أول ساعة من يوم 2 فبراير لزيارة مصر.وصلنا للقاهرة مع الصباح الباكر وكان الجو رائعا تهب فيه نسمات تبشر بالربيع،مرت ساعات السفر بالطائرة وقد اختلط لدي فيها رغبة السفر وتلاحق الأفكار وأنا أربط بين التاريخ الفرعوني واللباس الخاص بالعروس المغربية بقلاداته وغطاء مخطط على غرار الفرعون توت عنخ آمون! كانت الأفكار تعبرلتمتد بين حضارة فرعونية وثقافة آمازيغية تربط بين كليوباترا وبرابرة المغرب؟كنت قد عقدت موعدا للتسجيل المباشر في قناة ثقافية مصرية مع الأستاذ محمد عامر،ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ! موعد السفر المعلن عنه كان هو فاتح فبراير والتسجيل هو بتاريخ2 فبراير ولكن السفر لم يتم سوى في التاني من فبراير.حطت الطائرة ولاقينا كل ترحاب ومعاملة طيبة بالمطار ووجدنا مبعوث الوكالة ينتظرنا،وبعد استلام الحقائب توجهنا لفندق هلتون هيلوبوليس،بعد استلام الغرف وتناول وجبة الفطور،أخذتنا الحافلة الصغيرة الخاصة بنا مع المرشد المكلف بتأطير الزيارات في مصر،بدأنا أول مسيرة في برنامج الرحلة،في شارع صلاح سليم ويبلغ طوله38 كلم وهو عقيد سابق بالجيش قديما وهو من جهز أول فرقة عسكرية بمجهود شخصي من أجل فلسطين.....مررنا بقصور منها ما يرجع للعهد العثماني ومنها ماهو بالطابع الأنجليزي إبان السيطرة البريطانية وعلى اليسار كانت المقابر بشكلها القديم وبالطابع المصري وكأنها من بيوتات مصر القديمة،وقد شد انتباهي تلك القناطر المتقاطعة ذات الطابع الأنجليزي وقد شاهدت ما يماثل بعضها على نهر التايمز بلندن.كنا نتجه لحديقة الأزهر حيث سنتاول وجبة الغذاء.يشد الانتباه عدم التجانس بين الأحياء الراقية والأحياء القديمة من خلال النظر عبر نوافذ الحافلة،وقد تراءت الأهرام من مسافة جد بعيدة. حاذينا سورا يعلو وينخفض ولمسافة جد طويلة ويصل إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي وهو قناة للمياه التي كانت تسري مياهها لتزود القلعة بالماء! وتذكرت أنابيب السلوقية التي كانت تمتد في مكناس من داخل قصبة هدراش مرورا ببرج الماء لتخزين المياه في صهاريج أرضية تاريخية في عاصمة المولى إسماعيل، وللعلم كان مهندس القلعة هو بهاء الدين قرقوش.وصلنا حديقة الأزهر وكانت شاسعة المساحة وقوبلنا بترحاب وعوملنا مثل باقي المصريين من حيث قانون الزيارة وحبذت هذه القوانيت التي تسوي العرب مع المواطنين العرب. هذه الحديقة كانت مطرحا كبيرا للأزبال وحولت لحديقة كبيرة رائعة وبها منتدى سياحي وتطل على منظر بانورامي للقاهرة.
لطيفة الغراس
توقيت ذكي اختارته شركة روتانا لإطلاق "أغنية سيد الغرام" باللهجة المغربية يوم الجمعة الماضي التي جمعت بين الفنانة المغربية أسماء لمنور والفنانة السورية أصالة نصري والتي لاقت نجاحا كبيرا وحققت نسبة مشاهدة عالية خلال يوم واحد بعد صدورها.وديو أغنية سيد الغرام لفنانتين كبيرتين هو مؤشر نجاح، وأن تغني أصالة باللهجة المغربية هو تحد جميل يتناسق مع رغبة العديد من الفنانين العرب في التغني بهذه اللهجة إرضاء لجمهور مغربي عريض وذواق. الجميل في الأغنية التي كتب كلماتها محمد المغربي، هو أنها تتحدث عن الحب وعن أفراحه وعذاباته بشكل موسيقي جميل جدا تظهر فيه الطبوع المغربية في أحلى حلة، خاصة أن الأغنية اعتمدت مقامات متنوعة (نهاوند و كرد)كدلالة على غنى الفن المغربي وعلى رغبة الفنانة اسماء لمنور والملحن مهدي مزين في إبراز اجمل ما في الموسيقى المغربية لسحر الجمهور العربي الذي صار متعطشا لمعرفة المزيد عن تاريخ المغرب وعاداته وثقافة أهله. الأمر الذي نجح فيه فعلا فريق العمل بأكمله. فالعمل هو جهد متكاتف ومتناغم تألقت فيه الفنانتين أداء واستمتع الجمهور فيه بكلماته الجميلة والمعبرة ولمع فيه صانعوا الديكور والملابس فكان عبارة عن لوحة فنية ذكرتنا بمجد الأندلس والمملكة المغربية وبتلاقح الثقافات بهذين البلدين ، فجاءت الحلي والملابس ذات الطابع المغربي/الأندلسي كعامل مساعد وقوي لفكرة انتصار الحب وميلان النفس البشرية إلى عيش حالة الغرام بدل اعتزاله، فكانت الألوان المختلفة للمجوهرات المغربية تنطق بسلطان هذا الإحساس الذي سيطر على صوتي أسماء وأصالة وهن يتغنين بحفاوة بكلمات الأغنية في ديكور جميل يذكرنا بفخامة أعراس المغاربة واحتفائهم بالحب والحياة.بالأغنية ظهر بقوة إحساس أسماء لمنور بالكلام وكأنها تمثل الجانب الإيجابي للحب ، في حين برز صوت أصالة القوي وكأنه يغني للعنف الجميل الذي يمنحه الحب لمن يعيشه بعذاباته وأفراحه، فجاء الديو ممتعا لذيذا يذكرنا بخاصية" الحلو والمالح "في الطعام المغربي التي تميز المطبخ المغربي.ختاما أحب أن أشير إلى أن نجاح هذه الأغنية هو نجاح عمل دؤوب حرصت عليه الفنانة أسماء لمنور منذ ذهابها إلى الشرق (شأنها شأن فنانين مغاربة ذهبوا بعدها)، جعل رحلتها إلى هناك مهمة "وطنية" جذبت الشرق كله إلى المغرب الذي شجع بدوره عبر مهرجانات كبيرة كل فناني العالم العربي على القدوم إليه والتعرف على ثقافته وبالتالي التغني بلهجته.التاريخ لا يتسم بالجمود بل بالتغير والتطور، والحاضر يقول بأن دور اللهجة المغربية في السطوع والتألق حان، فجاءت أغنية "سيد الغرام" لتقول بأن التغني باللهجة المغربية هو تحد جميل وساحر وليس فقط مجرد تحد عابر لتفتح الباب على مصراعيه للتغني بهذه اللهجة بجمالية فائقة بعد محاولات عديدة قام بها فنانون عرب كثر. فوزية تادري
وإليكم الإعتقاد الوارد عند الدروز بالنسبه لتناسخ الأرواح ، حيث أن الدروز يعتقدون بالتناسخ والتقمص، أي بإنتقال النفس من جسم بشري إلى جسم بشري آخر، باعتبار أن النفس لديهم لا تموت، بل يموت قميصها (الجسم)، ويصيبه البلى، فتنتقل النفس إلى قميص آخر.
إذ يعتبر هذا المفهوم أحد أسس العقيدة الدرزية. ووفقًا لهذا الإيمان فإنّ روح الإنسان الدرزي تنبعث فورًا بعد موته في روح مولود درزي يتواجد في جسد إمرأة حامل، وبعد ولادته يذكر أحيانًا بعضًا من حياته السابقة. إنّ إيمانهم القويّ بتناسخ الأرواح يمثّل راحة من الحزن بسبب فقدان الحياة، ويعزّز هذا الإيمان التسامح والتضامن بين أبناء الطائفة الدورزيه، و الذين يعتقدون أنّهم يولدون واحدًا عند الآخر.
وفقًا لرؤية الدروز فإنّ الجسد هو كالثوب الذي تبدّله الروح. وإنّ إنعدام أهمية الجسد الحقيقية عند الدروز يظهر في غياب الحاجة إلى طقوس الدفن ، مثل شاهد القبر وزيارة قبر الميّت في مواعيد محدّدة أو حتى في جلب الجثة إلى مكان سكن أسرة الميّت. رغم وجود المقابر، فغالبًا ليست هناك شواهد قبور عند الدروز .
ويشير الاعتقاد بتناسخ الأرواح عند الدروز أيضًا إلى عدم جواز البكاء على الميّت، نظرًا إلى أنّ روحه قد أنبعثت في مولود جديد ممّا يجلب الفرح إلى أسرته.
ولكن هناك راي آخر عند بعض العلماء ، حيث يفسرون ظهور العبقريات المبكرة للأطفال، بأن هؤلاء الأطفال صغار الأجسام فقط، ولكن الأرواح التي حلت بهذه الأجسام كبيرة في السن و ذات نضج ، فبعض العلماء يرى أن النبوغ المبكر للموسيقار النمساوي (موتسارت) هو شيء من هذا، ويرى العالِم الأمريكي (إدجار وطسون) أن الطفل البلجيكي (أندريه لنور) لا بُد أن يكون نموذجًا حيًّا لهذه النظرية، فهذا الطفل كان في الثانية من عمره، وكان قادرًا على أن يعرف حاصل ضرب خمسة أرقام في خمسة أرقام، مع أنه لا يعرف الأرقام، ولا يعرف كيف يعد من واحد إلى عشرة!!
وقال العلماء كذلك أن الإنسان قد يتذكر حياته السابقة التي عاشها في جسد سابق، وفي سنة 1956م أصدر كاتب برازيلي كتابًا بعنوان (كانوا هناك.. وأصبحوا هنا) لمؤلِف أسمه " موري برنشتين " وأهم ما في الكتاب أن سيدة برازيلية قالت أنها كانت تعيش قبل ذلك (في حياة سابقة) في أيرلندا ، ولم يترك المؤلِف شيئًا من حياة هذه السيدة لم يعرضه على العلماء ، ثم سافر مع السيدة إلى أيرلندا، وتركها تتعرف على الأماكن التي عاشت فيها؟ ومن الغريب أن هذه السيدة كانت تدخل المتحف وتقول: هذه كانت موجودة في المكان الفلاني، وهذه كانت جزءًا من بيت فلان الفلاني ، وكان علماء الآثار يؤكدون كل ما تقول، مع أنها لم تترك البرازيل نهائيا .
بالأضافه إلي أن الذين يشتغلون بالتنويم المغناطيسي يواجهون الكثير من هذه الأحداث والنوادر، فمن الممكن أن يطلب المنوّم المغناطيسي إلى الشخص الذي نومه أن يعود إلى فترة طفولته، ويروي ما حدث في ذلك الوقت، ويفاجأ المنوم المغناطيسي بأن طفولة هذا الشخص النائم كانت في القرن العاشر أو الحادي عشر، أو كانت قبل الميلاد ، ثم أنه يروي أحداثًا عجيبة وبلغات لا يعرفها ذلك الشخص نهائيا إذا صحا من النوم .
ويقول العلماء أيضا أن تناسخ الأرواح يعطيها فرصة جديدة للتكفير عن آثامها وخطاياها السابقة، أي لسداد ديون الماضي، وتحسين الوضع الحالي للحصول على التطور والارتقاء، ووسيلة للحصول على المزيد من المعرفة الاختبارية، وفي إعادة التجسد تقوم الروح برسالة معينة بين البشر، مثل إنسان يأتي من سفر بعيد إلى بلاد فقيرة نائية بهدف تأدية رسالة معينة، ويقولون أيضًا في عودة التجسد تتخطى الروح الفروق الجنسية، فمن الممكن أن إمرأة في حياة سابقة تتجسد في شكل رجل، ولذلك يغلب عليه طابع الأنوثة، وإذا حدث العكس تجد المرأة يغلب عليها ملامح وخشونة الرجال .
وروى الصحافي الهندي وكاتب القصص البوليسية المعروف كريم راسن شوهان انه ألتقى يوما بالصبي تراجيت من عائلة سنغ ، والذي قال له بإنه كان في الحياة الأخرى ويتذكر الكثير منها. واخبرته عائلة الصبي إنه ومنذ كان عمره عامين يتحدث عن حياته الأخرى، وهرب من المنزل ليبحث عن بيته الأول، وهو يعرف في أي قرية كان يسكن يومها ويعرف اسم امه وأبيه ومدرسته التي تعلم فيها ، وقال إنه ركب في حياته الأخرى في ال10 من شهر أيلول(سبتمبر) عام 1992 الدراجة متجها إلى البيت ، فصدمه شاب كان يركب دراجة نارية فأصيب نتيجة ذلك بجروح في رأسه ، وفي اليوم التالي توفي ، وقال أبوه الحالي رانجيت سنغ أن الصبي كان يصر على أقواله مما دفعه وزوجته للذهاب إلى القرية التي يقول أنه ولد فيها ، في البداية لم يجد أحد يصادق على قول إبنه أ يعطى أوصاف لوالديه في حياته الاولى كما يدعي ، لكن نصحه أحد السكان بالذهاب الى القرية المجاورة والتحدث مع معلم المدرسة الذي أكد له وقوع حادثة الدراجة النارية، كما وجد عنوان الوالدين ،
وكانت المفاجاة الكبيرة عندما ألتقى تراجيت سنغ والده في الحياة الأولى ، فذكره بأن كتبه بعد الحادثة كانت ملوثة بالدماء ، وقال له أيضا كم من المال كان بحوزته يومها، وبكت أمه من الحياة الاولى وحملت له الكتاب الملوث بالدم والدراهم وأحتفظت بهما كذكري، وعندما عرض على الصبي صورة زفاف والديه في الحياة الأولى عرفهما بسرعة رغم تقدم السن .
ولم يصدق الكاتب ما يسمعه أو يرفض ذلك ، لكنه كان فضوليا وأراد معرفة الموضوع كله حتى النهاية ، فزار العائلتين كل واحدة على حدا في القريتين بعد ذلك ، وسمع نفس القصة وأكد مالك مزرعة بالقرب من مكان الحادثة على قول الصبي قبل مقتله بوجود دراهم في محفظته تساوي ثمن الكتاب الذي أشتراه منه بالدين ويبدو أنه كان آتيا اليه كي يسدد ثمنه .
كما تأكد للصحفي راسن شوهان أن الصبي إبن عائلة سنغ لم يذهب قط الى المدرسة لان أسرته فقيره جدا، لكن عندما طلب منه كتابة الأحرف الأبجدية اللاتينية والبنجابية كتبها من دون أي اخطاء ، إضافة كتابته إلى الكثير من الكلمات الصعبة أيضا ، وقارن خطه مع خط الولد الذي توفي في الحادثة فلم يميز بينهما أبدا ، وحسب قوله كخبير علم الجرائم لا يمكن أن يكون لشخصين نفس الخط لأن كل يد لها خصوصياتها في الكتابة ، وهذا ما يسهل كشف عمليات الغش والتزوير. وأخبره احد معتنقي التقمص ان الروح عندما تتمقص جسدا اخرى تاخذ معها خصال الجسد الاول ايضا خاصية خط اليد. ومن اجل التاكد اخذ الكاتب خط الصبي والشاب المتوفي وفحصها لدى خبراء خط فاتضح انها من يد واحدة.
والقصة الاخرى حدثت في شمال الصين، إذ أن رجلا وزوجته كان يلبيان كل رغبات إبنهما الضعيف والمريض دائما ،وبعد أن زاد ضعفه وشارف على الموت طلب منهما أن يذبحا له الحصان ، و كان ذلك الحصان هو كل ما يملكان عندهما ، وذلك حتي يأكل الولد لحمه ، لكنهما رفضا ذلك. وفي يوم أصر الولد على طلبه بإلحاح شديد عليهما بقوله سوف أموت لذا أريد أن آكل قطعة من لحم الحصان الآن وإلا سيكون الوقت متأخر وسأموت قبل ذلك ، وخوفا عليه ذبحا الحصان وطبخت الأم اللحم وقدمته الى إبنها وبعد ان أكل مات بعد ساعات
قليلة ، وبعد الدفن أتى اليهم راهب بوذي عرف القصة من دون أن يروها أحد له ، وقال لهما أن
أبنهما كان ابن اعائلة غنية وعندما بلغ ال18 سنة من العمر ذهب مع عائلته لزيارة أقارب له ذبحوا حصانا تكريما لهم ، إلا أن الشاب أصيب بسهم قتل فيه وكان راغبا في أكل لحم الحصان ، ووصف الراهب الولد والشاب فأتضح أن لديهما نفس العلامات على جسميهما، والشبه في العادات متقاربة إلى درجة غير عادية.
وفي كتابه الاخير عن التقمص وتناسخ الأرواح أورد الكاتب الامريكي وعالم النفس كارتر فيبس العديد من الروايات عن التقمص ، من أهمها ما حدث لجيمس ليننيغر الذي ولد بحالة نفسية وجسدية جيدة، وعند بلوغه العامين أظهر شغفا وولعا بالطائرات بشكل غير عادي وكان يرفض اللعب بأي لعب اخرى مثل الاطفال مما أقلق والديه. وكان يستيقظ دائما ويروي لوالدته الكوابيس التي كان يراها وبأن الطائرة قد هوت والرجل الصغير القامة فيها لم يتمكن من الخروج منها ، وتساءلت والدته بعد ذلك إذا كان حب إبنها جيمس للطائرات يخفي أكثر مما تراها أو تسمعه منه، أم أن ما يرويه ليس سوى من مخيلة طفل ،
وتذكرت يوما أنها اشترت له طائرة عسكرية تحمل تحت جناحها حسبما إعتقدت صاروخ فصحح لها إبنها معلوماتها وقال ، يا أمي هذه ليس صاروخ بل خزان الوقود ، ولم تشهد هي نفسها من قبل خزان وقود طائرة ، فكيف لطفل في الثانية من عمره التفريق بين الخزان والصاروخ ،
ومع الوقت بدا جيمس يصاب بالمزيد من الكوابيس و يقصها على والدته إضافة الى قصص من حياة في الماضي ، وقال يوما لوالديه بأنه كان قائد طائرة في سلاح الجو الاميركي فوق حاملة الطائرات إسمها Natoma، حتى أنه تذكر اسمه صديقه على السفينة وكان إسمه جاك لارسون، مما أصاب الوالد بالقلق وقرر أن يبحث القضية بعمق أكثر ، وبالفعل حصل على معلومات مذهلة ، فحاملة الطائرات الاميركية ناتوما كانت بالفعل متمركزة في المحيط الهادي والصديق لارسون الذي ما زال حيا ويسكن في كانساس كان على متنها ،
وفي يوم من الايام وفي الوقت الذي كان يقلب فيه جيمس مع والده صفحات كتاب عن الحرب العالمية الثانية وضع أصبعه على صورة لجزيرة يابانية وقال إسمها من تردد ، أنها جزيرة Iwo Jima وأنه أطلق على طائرته صاروخ فوقعت فوق هذه الجزيرة بعد أن أصيب محركها مباشرة، فأصبح الوالدان أكثر تحمسا لمعرفة ماضي إبنهما وهل له حياة سابقة حقيقة، وإذا كان ذلك فكيف كانت ، ولاحظا أنه عندما يلفظ إسمه كان يقول جميس الثالث، فبحث الوالد في لائحة أسماء الذين كانوا فوق حاملة الطائرات وسقطت طائرته في الجزيرة اليابانية فعثر على إسم جيمس م. هيوستين جنيور وهو من الجيل الثالث في العائلة ، وقتل بالفعل في اليابان عند إصابة طائرته خلال الحرب.
ومن العلماء الألمان الذي أنشغلوا بقضية التقمص وتناسخ الأرواح عالم الانتروبوزوف رودولف شتاينرز ، والذي قال في محاضرة له قبل عشرة أعوام في ميونيخ وألحقت بملفات علم النفس وحالات الغيب ، أن الكثير من المشاهدات أكدت صحة إعتقاد البوذيين والهندوس بالتقمص أو انتقال الروح من جسد توفي إلى جسد آخر في الوقت المناسب، وإلا فاين تذهب الروح بعد مغادرتها الجسد ، إنها تحوم في الفضاء باحثة عن جسد لها لأنها لا تفنى.
ولكن للأديان السماوية رأيا آخر ، ففي المسيحيه، يقول قداسة البابا شنوده الثالث ، لا تؤمن المسيحية بتجسدات متعددة للروح بعد الموت، وحيوات متتابعة للإنسان كما ينادي بذلك هؤلاء العلماء حاليًا، وكما نادت بذلك الديانات الهنديَّة والبوذيَّة، وبعض الفلسفات مثل الأفلاطونيَّة الحديثة والأوريجانيَّة والفيثاغوريَّة وغيرها ، بل إن تعليم الكتاب المقدَّس واضح في قوله " وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة " (عب 9: 27) وعبارة "يموتوا مرة" تنفي نظرية "الحيوات المتتابعة" التي ينادي بها أولئك الذين يقولون أن الروح البشرية بعد مفارقتها للجسد تعود إلى تجسد آخر متحدة مع إنسان آخر أو حيوان، وربما تدخل تجسدات عديدة، مرة كامرأة، وأخرى كرجل، مرة كطفل، أي تتجسد ثم تموت ، ثم تتجسد مرة أخرى وتموت ،
و يضيف قداسة البابا شنودة الثالث ردًا على ظاهرة الأطفال العباقرة والنابغين في علم معين ، أن المشتغلون بعلم الأرواح، و المعتقدون بعودة التجسد، يحاولون إثبات عودة التجسد بوجود بعض أطفال عباقرة ، أولئك الأطفال من عمرهم المبكر جدًا أمكن أن يكونوا نابغين جدًا، وبخاصة في الموسيقى مثلًا ، إذ ألف بعضهم سيمفونيات موسيقية وبعضهم نبغ في الأدب والشعر، بما يفوق طاقة سنه بكثير ، والبعض في مجالات أخرى من النبوغ ،
وهم يرجعون ذلك إلى أن هذه المهارات كانت لهم في حيوات سابقة ، أي أن أشخاصًا نابغين من الذين ماتوا قبلًا، عادوا مرة أخرى إلى التجسد في شخصيات أولئك الأطفال ،
وهنا يرد البابا شنودة الثالث على ذلك بالنقاط الآتية:
1- بعض من هؤلاء الأطفال نالوا نبوغهم عن طريق الوراثة وكثير من العلماء يقولون إن الموسيقى بالذات هي من أكثر الفنون التي ترتبط بالوراثة، فالموسيقي المعروف موزارت الذي نبغ في الموسيقى منذ طفولته ينحدر من أسرة نابغة في الموسيقى، ومثله أيضًا الموسيقي النابغة باخ الذي نبغ في أسرته موسيقيون في أجيال متتابعة ،
فإن كان أحد الأطفال قد ورث نبوغًا في فن ما عن أحد والديه، أو عن الوالدين معًا، فلا داع مطلقًا أن يعزى ذلك إلى أن أحد النابغين القدامى قد عاد إلى الحياة وتجسد فيه.
2- نقطة أخرى وهي إرجاع النبوغ إلى موهبة من الله: ليس كل إنسان فنانًا، إنما توجد قلة من الناس لها موهبة الفن، وقد منحهم الله هذه الموهبة فيعطي البعض موهبة الموسيقى، والبعض موهبة الشعر والأدب، والبعض موهبة الغناء، والبعض موهبة الرسم أو النحت وهكذا ،
والله المعطي، لا مانع من أن يهب الموهبة للصغار كما يهبها للكبار، وغالبًا ما يولد الإنسان والموهبة كامنة فيه، تظهر فيما بعد حسب الظروف المتاحة، أو يكتشفها في هذا الطفل أحد الكبار أو المتخصصين في وقت ما.
3- أما إن كان أحد الموتى قد عاد إلى التجسد في هذا الطفل النابغ، فإن إعتراضات كثيرة تقف ضد هذا الأمر، منها أن الموسيقي العبقري الذي مات وعاد إلى التجسد، هل عاد فقط إلى التجسد بموهبة الموسيقى فقط، أم إن روحه عادت إلى الحياة بكل معارفها، وكل خبراتها، وكل ما أكتسبته قبلًا طوال حياتها الماضية من فكر وما كان فيها من رغبات؟!
فالطفل العبقري
لماذا لا يأخذ الكثير من المواهب من الحيوات الماضية –كما يقولون– لماذا لم يأخذ سوى الموسيقى !!! لماذا لم يأخذ اللغة أيضًا !!! لماذا لم يأخذ المعرفة !!!! أليست الروح التي عادت إلى التجسد كان لها كل هذا!! لماذا لم ينطق الطفل حال ولادته !!! لماذا لم يتحدث عن خبراته؟! لماذا لم يظهر فيه ذكاء الرجل الذي مات وعاد إلى التجسد؟!
أم إن الروح التي عادت للتجسد تؤخذ منها كل معارفها، ولا تبقى لها سوى موهبة الموسيقى أو الشعر فقط ؟! أليس هذا ضد المنطق .
أما عن رأي الإسلام في تناسخ الارواح :
فيؤكد أن هناك بعض الأقوام أصحاب المعتقدات المضلله والتي تتحدث عن تناسخ الأرواح والتقمص وحلول الروح في عدة أجساد قبل تطهرها ؟؟؟ ويستدلون على ذلك بآيات من القرآن (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [سورة الفجر: الآيات 27-30] ، وهنا يوضح الإسلام حقيقة هذا الأمر موضحا : أنه ومنذ بدء الخليقه، ومنذ آلاف السنين و الشيطان يحاول إغواء الناس وأتبع أساليب كثيرة لتحقيق أهدافه ليضل الناس عن طريق الله وينفذ قوله عندما قال: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: 39-40] ،
وايضا قال إبليس: (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) [النساء: 118-119] ،
وذلك ليبعد الناس عن الحق، ويخرجهم من النور إلى الظلمات، فجعلهم يبتدعوا الأساطير ومنها أسطورة تقمص أو إستنساخ الأرواح ، وهي فكرة أوحاها الشيطان لأوليائه ليوهمهم بأنه لا توجد حياة بعد الموت، وأن الروح تنتقل من إنسان لآخر.
والآية التي يستدلون بها على صحة معتقدهم الباطل المضلل هي قوله تعالى مخاطباً النفس المطمئنة: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي)، وفسروها على أنها إشارة إلى إنتقال الروح من الميت إلى جنين في بطن أمه أو إلى حيوان أو غير ذلك ، ومع أن الآية واضحة في حديثها عن النفس وليس الروح ، (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)، فالروح لا تنتقل من شخص لآخر وهي أمر من الله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85] ،
أما النفس فهي التي تتذوق الموت، و يقول تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران: 185] ،
والنفس هي التي تُحاسب يوم القيامة، يقول تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281] ،
ولذلك نجد الكثير من الناس يخلطون بين مفهوم النفس والروح، والقرآن يفرّق بينهما بوضوح، فقد ذكرت النفس في مئات المواضع من القرآن، نجد أن الروح لم تُذكر إلا 23 مرة (بعدد سنوات نزول القرآن) ، وقد سمَّى الله القرآن بالروح، يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى: 52].
أما قوله تعالى للنفس المطمئنة: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) أي فأدخلي بين عبادي ، وجاءت كلمة (فِي) هنا لتعبر تعبيراً دقيقاً عن محبة عباد الله الصالحين بعضهم لبعض وحرصهم على بعض حتى يصبحوا كالجسد الواحد ، ولذلك فإن سيدنا سليمان عليه السلام لم يقل: وأدخلني برحمتك بين عبادك الصالحين إنما قال: (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، وهذا لا يعني أن سيدنا سليمان طلب من ربه أن يدخله داخل العباد الصالحين ، إنما أن يدخله بينهم ويكون واحداً منهم.
ولذلك فإن الله يدخل كل نفس مطمئنة في عباده الصالحين يوم القيامة، ويدخل كل نفس ظالمة في جهنم لتُعذب مع الكافرين والملحدين والمستهزئين، يقول تعالى: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [الرعد: 49-51] ،
نسأل الله تعالى أن ينجينا من عذاب يوم القيامة.
أما الدليل العلمي على أن التقمص والإستنساخ لا أساس له، فحتى هذه اللحظة لم يكتشف العلماء أي ظاهرة تشير إلى تقمص الأرواح أو تناسخها أو حلولها في المخلوقات، بل بمجرد أن يموت الإنسان فإن جسده يبدأ بالتحلل وليس هناك أي شيء يمكن معرفته بعد الموت، ولذلك فإن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يصف لنا مرحلة ما بعد الموت بدقة مذهلة.
فهناك تجارب يقوم بها العلماء اليوم لإكتشاف أسرار الموت، ويزعمون أن بعض المرضى قد مرّوا بتجربة الموت المؤقت ورأوا نفقاً في نهايته نور، ومنهم من يعتبر أن الموت عبارة عن عملية تحلل طبيعية للجسد وإنتقاله من شكل لآخر (كما يدعي بعض الملحدين)، ونقول بأن جميع التجارب لن تسفر عن أي شيء، لأن الله جعل بعد الموت برزخاً لا يستطيع أحد اختراقه، فيقول تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99-100] ،
فهذه الآية دليل على أن من يموت لن يرجع إلى الحياة مرة أخرى (إلا في بعض المعجزات مثل معجزة سيدنا المسيح الذي كان يحيي الموتى).
وخلاصة القول أن تناسخ الأرواح ليس صحيحاً ، فهو مجرد إدعاءات باطله ، ومجموعة من الأكاذيب و أقوال واهيه ومهاترات ، ولا يوجد برهان علمي أو شرعي عليها، بل كل ما يُروى بشأن ذلك هو قصص وتخيلات لم يقم الدليل العلمي عليها ، وليس من الممكن أن يحاسب الله نفساً بالنيابة عن نفس أخرى أو يحلّ نفساً مكان نفس ، و يقول تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى) [النجم: 38-41] ،
فهذا النص الكريم يدل دلالة قطعية على أن كل نفس ستحاسب عن نفسها وأن منتهى الأنفس إلى الله تعالى وليس إلى كائنات أخرى ،
و يقول عز وجل: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [النحل: 111] ،
لذلك فهناك قوى خارقة وطاقات كامنة سخرها الله للبشر، مثلاً أعطى الله طاقات خارقة لسيدنا سليمان عليه السلام فسخر له الريح والجبال والشياطين والجن والطير ، وهناك معجزات أعطاها الله لأنبيائه، وهناك قدرات فائقة يمنحها الله لبعض من عباده سواء المسلمين وغير المسلمين مثل الكرامات ، حيث يمكن أن يمنحهم الله تعالى قوة خارقة ليختبرهم بها ، ولذلك فإن التقمص أو التناسخ لم يُبنى على أساس علمي، ولو أننا نرى بعض الظواهر الخارقة لبعض الأطفال والتي لم يتمكن العلماء من تفسيرها علمياً، فهذه تبقى حتى يكشف العلم شيئاً بخصوصها.
أما ما جاء من جدال حول معنى الآيه القرآنية الكريمه ( كيف تكفرون بالله وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ فهذا تفسيره كما قال علماء المسلمون ،
﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ﴾ قال ابن كثير في تفسيره:
﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ﴾ أي: كيف تجحدون وجوده أو تعبدون معه غيره
﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ﴾ أي: قد كنتم عدمًا فأخرجكم إلى الوجود،
كما قال تعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور: 35، 36]،
وقال ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1] والآيات في هذا كثيرة.
﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ ذكر ابن العثيمين في تفسيرها - رحمه الله -: ﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا ﴾: وذلك قبل نفخ الروح في الإنسان ، ﴿ فَأَحْيَاكُمْ ﴾ أي بنفخ الروح ،
﴿ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ﴾ ثانية ، وذلك بعد أن يخرج إلى الدنيا ،
﴿ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ الحياة الآخرة التي لا موت بعدها ،
﴿ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾: بعد الإحياء الثاني ترجعون إلى الله، فينبئكم بأعمالكم، ويجازيكم عليها .
في نفس الوقت فقد فرق القرآن الكريم بين النفس وبين الروح ، إنَّ كلمتَي الروح والنفس ترددتا في آيات كثيرة في القرآن الكريم، وكثر ورود الكلمة الأخيرة وهي النفس مفردة ومجموعها في القرآن قرابة الثلاثمائة مرة أو تزيد، ولا يعقل أن يأتي ذكر كلمة واحدة 300 مرة على إعتبار أنها مرادفة لكلمة أصلية هي كلمة الروح، وهنا من ظاهر القرآن الكريم أن هناك نفسا وهناك روحا ، وأن الروح عندما تخرج من جسد الإنسان لا يعلم أمرها الا الله، ويبقي الجسد الميت الفاني،
وهنا يبقي لغز الروح وفكرة النفس وهو ما بنى عليه البعض فكرتهم حول أنَّ روح ألأنسان تعود إلى الحياة في الأرض عدة مرات حتّى يتصفّى من الذنوب ، وهى الفكرة يزعمون إنها تستند لنصوص من الأصول الإسلامية ، وعلى الرغم من تخوف رجال الدين من بحث موضوع رحلة الأرواح بعد الموت ، وتقيد حركة البحث الروحاني بدعوة الآية الشريفة { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } ،
إلا أنه أوجدت العديد من التساؤلات التي تخص عالم الروح ولكن لا أحد يستطيع الإجابة عليها ، لأنها في علم الله .
ولذلك فإن أصحاب تناسخ الأرواح قد خلفوا وراءهم منهج خاص بهم ، وزينوا لأنفسهم الضلالات وأمرجوا أنفسهم في الشهوات، وزعموا أن السماء خاوية، ما فيها شئ مما يوصف ، وأن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين ، بحجة من روي: أن الله عز وجل خلق آدم على صورته ، وأنه لا جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور، والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه وولوجه في قالب آخر ، إن كان محسنا في القالب الأول أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلا درجة في الدنيا ، وإن كان مسيئا صارت روحه في بعض الدواب المتعبة في الدنيا، أو هوام مشوهة الخلقة، وكذلك فإنه ليس عليهم صوم ولا صلاة ولا شئ من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم معرفته، وكل شئ من شهوات الدنيا مباح لهم مثل النساء و زنا المحارم وغيرها من الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى .
لذلك فإن فالفكرة المثيرة دائماً عند هؤلاء الملحدين والتي هي محط إهتمام هؤلاء الفلاسفة منذ قديم الازل ، بل ومازالت محل إهتمام كل من يبحث عن الجديد، وأيضا أصبحت هي الحل لكل لمعضلة ، ألا وهي البحث عن العدل عند هؤلاء الملحدين ، وتلك الفئة التي لديها شبهات عن العالَم الماورائي، أو فيما نؤمن به و هو البعث والجنة والنار ، لذلك فإن تناسخ الارواح يحل هذه المعضلة عندهم بشكل كبير، ويربط بين جوانبها بطريقة تُقنعهم ، حيث يقدم لهم حياه أفضل في أجساد أفضل لها مستوى إجتماعي وثقافي وصحي ومادي وعلمي أفضل ، ويعوضهم عن أي معاناه أو فقر أو جهل أو مرض قد تكبدوه في حياتهم الأولى قبل أن تتناسخ أرواحهم وتنتقل إلي جسد آخر بعد موتهم كما يعتقدون .
هبة عبد الفتاح
تناسخ الأرواح ومعناه هو عند موت الإنسان فإن روحه تنتقل إلى غيره ، و قد يكون هذا الغير إنسان، وقد يكون حيوان، سواء كان كلب، أو قط أو أي نوع من أنواع الحيوانات الأخرى، وقد يكون سمكة، وقد يكون دودة، وهذا يعني انه عند الوفاه فإن الروح تكون قد تحولت وتناسخت إلى جسم وهيكل آخر ، وعلى ذلك يتم بناء الكثير من الترهات الباطلة المضلله .
هذه العقيدة الباطلة عرفها الإنسان منذ العصور القديمة، فاعتقدت بها الهندوسية والجينيَّة والبوذيَّة والكنفوشيَّة والزرادشتيَّة والمانويَّة..وغيرها ، ودخلت هذه العقيدة ضمن معتقدات كثير من المذاهب المضلله كما رأينا ، ومازالوا إلي الآن الكثيرون يؤمنون بهذه العقيدة .
التقمص أو تناسخ الأرواح ، كلمة ترفضها ديانات فيما تعتنقها اخرى وتعني تقمص روح إنسان قد مات بأي شكل من الاشكال جسد انسان اخر او غير انسان ، وفي التعريف الروحاني فان الانسان بعد الموت يفنى جسده ، أما روحه فتظل هائمة في الكون تبحث عن جسد لتعود وتولد فيه من جديد، وليس من الضرورة ان تكون ساعة الوفاة بل لاحقا ، وفي التعريف الروحاني فان الإنسان بعد الموت يفنى جسده أما روحه فتظل هائمة في الكون لتعود وتولد في جديد. وهذا الحالة تسمى أيضا عودة الولادة أو تحول الروح الى جسد اخر ويطلق عليها عدة تسميات منها كارماKarma.
فقد جاء في التلمود أن الله خلق ستمائة ألف روح يهودية، وأن هذه الأرواح تعتبر جزء من الله، ولذلك فهو يهتم بها أكثر من أرواح الآخرين، وعندما تترك روح اليهودي جسده فإنها تتناسخ أي تدخل في جسد آخر ، فروح الجد مثلًا تدخل إلى الحفيد عند ولادته، وإلي الآن ما زالوا يعتقدون في التقمص وتناسخ الأرواح .
وأفكار التقمص وتناسخ الأرواح لم ترد لدى اليهود ، لذا فانها لم ترفض كما لم تقبل، ولم يطور المذهب اليهودي أي تصور لما يحدث بعد الوفاة ، بل اعتمد فكرتين بنيت على القليل من الأدلة وهي الاعتقاد بقيام الموتى ، أي يموت الانسان جسدا وروحا ، لكن الجسد يبعث وحده دون الروح. والثانية أن الروح الطاهرة تعود بعد الولادة والحياة والموت الى خالقها ، بينما في مبدأ كابالا اليهودي وهو التصوف اليهودي فإن عودة الجسد هي عقاب إلهي الا إنها تخدم النفس كي تعمل لتصبح كاملة وتستقر في جسد جديد .
ومن القصص اللطيفة التي تذكر في هذا الشأن أنه في أواخر القرن التاسع عشر كان ملك سيام وزوجته في زيارة رسمية إلى فرنسا، وعندما زارا قصر رئيس الجمهورية جاء كلب صغير يشم رجل ملكة سيام ويلعقها ويحرك ذيله بسرور، ثم جلس على ركبتيها وأخذ يشمها، فما كان منها إلا أنها إنفجرت في البكاء، وتساءلت عن عمر هذا الكلب؟ فقالوا لها سنتان، فصاحت أنه ابني بعينه الذي مات منذ عامين، ولم يجد رئيس جمهورية فرنسا مخرجًا إلا أن يقنع ابنته صاحبة هذا الكلب بالتنازل عنه لأمه ملكة سيام.
فقد جاءت فكرة تناسخ الأرواح على أي معتقدات يؤمن بها البعض بأنَّ روح الانسان الميّت يعود الى الارض ويدخل في جسم أنسان آخر وتتكرر هذه العملية عدّة مرات ، وحسب هذا الاعتقاد فإنَّ روح إنسان مُعدَم سيعود الى الحياة كإنسان ثري، وروح انسان أعمى سيعود الى الحياة في جسم انسان ذو نظر ثاقب وهكذا ، إنّ َفكره تناسخ الارواح بدأت فى الشرق الاقصى ، وخاصة فى العقيدة البوذية والهندوسية التى تؤمن بأن الروح تعود في أشكال اخرى أو كمجرد روح بذاتها غير ظاهرة في جسد مرئي ، وإذا حصرنا عدد هذه الفئات التى تضم الملايين من الهندوس والبوذيين فسندرك أن هذه الافكار موجودة فى عالمنا بشكل لا يمكن تجاهله ، وفكرة التناسخ مضمونها أن الروح بعد وفاة الجسد لا تنتهي وإنما تعود لتعيش في أجساد واماكن وازمنة مختلفة عن تلك التي عاشت فيها من قبل، لذا تشعر الروح فى حياتها الثانية بحنين جارف لمكان لم تره في حياتها من قبل أو لأشخاص لم تلتق بهم نهائيا .
فقبل فترة من الزمن كان هناك خبرا عن زواج غريب، ففي الفلبين تزوج شاب من أفعى عملاقة لاعتقاده بأنَّ هذه الافعى كانت زوجته قبل ستمائة عام.
فالتناسخ هنا كما يعتقد هؤلاء هو إعادة حلول روح شخص مات فى جسد آخر ،
وقد مرت هذه الفكره الخطأ بعدة تطورات ففي البداية آمن الفراعنه ان الروح تعود الي نفس الجسد لهذا قاموا بتحنيط الاجساد إنتظارا لعودة حلول الروح في جسدها مره ثانيه بعد مئات أو ألوف السنين ولا يتم مباشرة،
ثم تطور الفكر وإنتقل هذا المعتقد بين الشعوب فهناك من ظنوا أن الروح تنتقل من جسد إنسان يموت إلى جسد إنسان اخر جديد يولد ،
أو فى بعض الأحيان إلى جسد حيوان لتحيا حياة دونية ،
بل أن بعض المعتقدات تمادت فى إعتقادها أن الروح تغادر الجسد عندما ينام من خلال فتحة الأنف و الفم، ثم تعود إليه عند الاستيقاظ ،
و مع مرور الوقت ترسخ الإعتقاد القائل أن الروح تنتقل من إنسان ميت إلى آخر يولد، وفسر البعض ما يحدث من تشابه بين الإبن و جده المتوفي فى الشكل و الطباع و العادات .
و كان من العلماء الذين نادوا بتقمص الأرواح العالم فيثاغورث عالم الرياضيات و الفيلسوف اليونانى الشهير، إذ قال أن الروح تعود للأرض عدة مرات فى عدة ولادات أخرى لتتقمص أجساد أشخاص آخرين، و بين ممات و ميلاد فإن الروح يتم تطهيرها فى العالم السفلى. و من بعد موتات و ميلادات تكون الروح قد تطهرت تماماً لتترك هذه الدائرة المغلقة من موت و تقمص لتسبح فى السماء ،
وهذا الفكر يرفض أن التناسخ يتم مباشرة بل بعد وقت من التطهير للروح .
و لقد إتفق بالتو - فيلسوف يونانى آخر - مع فيثاغورث وهو تلميذ الفيلسوف سقراط ، فى عملية التقمص هذه و لكن بالتو قال إن الروح حينما تحل فى الجسد و تحدث عملية التقمص فإنها تتدنس، ثم يموت الانسان لتتطهر روحه فى العالم السفلى ، ثم تعود لتتقمص جسد ما، ثم يموت و هكذا ، و فى النهاية إن كانت الصفة السائدة على الروح هى الطهر فمكانها فى السماء، و إن كانت الصفة السائدة هى الدنس فإنها تذهب إلى العذاب الأبدى ،
هذا وقد أكد بالتو أن الروح وقبل حلولها في جسد جديد تختار الحياة التي تريد ، لكن كلما كانت الروح حكيمة في الماضي أو تمنت ان تكون حكيمة يكون إختيارها للجسد أفضل .
لذلك تؤمن شعوب في غرب افريقيا وفي منطقة تلينغيت جنوب شرق الاسكا أن الأمنية التي يتمناها الإنسان قبل أن يموت كي تكون روحه أفضل تسهل عملية العثور على الجسد المطلوب.
وفي الستينات نمى الإعتقاد بالتقمص في شمال اميركا وغرب أوروبا وزاد عدد الذين يؤمنون به لكن نافسه ما يسمى بحركة new-age-movement ، ونمى وزاد عدد أتباعها نهاية قرن العشرين ، ومعظمهم من الفنانين والأكاديميين، وتعتمد على مبدأ أن
وضوح الروح تسهل الحياة الثانية .
بينما يقول أتباع البوذية أن سلوك الانسان وسعيه وأفكاره وشعوره له تأثير على حياته بعد الموت ، وهذا ما تنص عليها تعاليم كارما .
و يعتقد البوذيين و الهندوس أيضاً فى تقمص الأرواح و لكنهم يختلفون عن الاعتقاد اليونانى بأن الروح قد تعود لتتجسد فى شكل نبات أو حيوان ، و ذلك يعتمد على أعمالها فى الحياة السابقة إن كانت خيراً أو شراً. بل أيضاً يوجد من يعتقدون بتقمص الأرواح .
وهناك البراهميون أيضا
واللذين يؤمنون بتجوال الروح , من جسد الى جسد
وتكون هذه التقمصات ممثلة في عقوبة أو ثوابا بالنسبة إلي الروح ،وتظل هكذا الى ان تنطلق من هذه التجسدات الى الملأ الأعلى ،
وتسمى هذه بحالة النرفان وتأتى بالنسك الشديد .
أما أفلاطون فكان يرى أن عدد الأرواح محدود لذلك أستلزمت الضرورة ان تخرج
الروح من جسد الى جسد اخر.
فيعتقد قدماء المصريون أن في قدرة الإنسان على العودة إلى الحياة بعد موته، لأن الموت هو عبارة عن رقاد في القبر إلى أن تعود روح الميت، فترتدي، أو تتناسخ جسدها الثاني من جديد، والنفس تتناسخ بالتتابع في هيئة صور جميع الحيوانات التي تعيش على الأرض، لتعود بعد ذلك إلى جسد إنسان ، لكي تبتدئ ثانية بسياحتها الأبدية (ولادة ثانية)، وكان بعض المصريين يعتقدون أن الإله أوزوريس يتناسخ في هيئة جسد عجل .
لذلك فقد عرف هؤلاء تناسخ الأرواح على أنه هو انتقال الروح أو النفس الإنسانية عند انفصالها عن البدن من جسد إلى آخر، والتناسخ يعني جعل الأجساد بمثابة قمصان للأرواح تنتقل من أحدها إلى آخر دوراً بعد دورٍ ، و يقال تناسخ أي انتقلت روحه من جسده إلى جسد آخر، وفاعل الفعل هو الروح أو العقل الفعّال كما يقول أرسطو.
تعترف الهندوسية والجاينية والبوذية، بعقائد الكارما Karma أي (الولادة ثانية)، لأن العدالة والكمال الأخلاقي والروحي لا يتحقق في حياة واحدة، فالولادة ثانية تعطي الفرد فرصة للتقدم باتجاه الكمال.
ولاشك أن الكنعانيين والفينيقيين كانوا يؤمنون بالحياة الأخرى، فقد كانوا يدفنون الميت ومعه أو بقربه، متاعه وماله وسلاحه. وقد وُجدت جرار كثيرة كانت تستعمل كتوابيت، توضع فيها الجثة مطوية على نفسها بشكل متجمع، وبجانبها إبريق وصحن وكأس للإستعمال في حياة ما بعد الموت .
امّا طبقة الشودرا أو طبقة الخدم وهم طائفة من بعض شعوب جنوب آسيا فإنَّهم يؤمنون بعقيدة تناسخ الارواح ويسمّونها بالكارما، وحسب هذه العقيدة فإنَّ الارواح لها دورة حياتية تتناسخ فيها وتنتقل من جسد الى آخر يُحدده عمل الروح في الجسد الّذي حَلَّت بهِ، فالخيِّر لا يرتقي، أمّا الشرير فانّه ينتقل الى جسد في نفس المستوى ، إلى انْ يصل الى مرحلة الخلود حيث يتّحد مع ذاته ، وفي هذه المرحلة يُعطى فرصة تلو الاخرى لكي يتعرّف على ربّه في أكثر من دورة حياة ،
إنَّ الشودرا لا يؤمنون بالبعث لذلك لا أهمية لفعل الخير والشر لديهم طالما قام بالواجب المشروط عليه وهو الزواج والإنجاب.
وهنا ننتقل إلى ما يعتقده الهندوس حول تناسخ الأرواح حيث يؤمن الهنود بتناسخ الأرواح:
ومعناه: أن الروح حينما تفارق جسدها عند الموت تنتقل إلى جسد آخر وتستمر هكذا في التنقل حتى تستقر في أصلها الأول الذي صدرت منه وهو الله تعالى، وفكرة التناسخ هذه تتضمن فكرة وحدة الوجود الذي قال بها الهنود؛ لأن جميع الكائنات في نظرهم تتضمن روحًا صدرت من الله الواحد، والكائنات في الحقيقة هي الروح السارية ،
بتلك العقيدة والمقصود هنا التناسخ يثبت أن الهندوس وسائر الشعوب التي تؤمن بها لا تؤمن بالبعث، وبالتالي فلا حياة أخرى ما ورائية تحاسَب فيها كل نفسٍ بما كسبت، وبالتالي فلا جنة ولا نار كما هي في الأديان السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية وتلك حواجز وجدانية بين شعوب آسيا التي تؤمن بالتناسخ وبين غيرهم من الشعوب، خاصةً إذا علمنا أن الصينيون في عقائدهم البوذية يتفقون مع الهندوس في الاعتقاد بالتناسخ، والبوذيون والهندوس يشكلون أكثر من 90% من شعوب آسيا بما يعني أن القارة الآسيوية هي مؤمنه بتناسخ الارواح في معظمها.
يتبع...
هبة عبد الفتاح
Copyright © 2022 hamassates - Tous droits réservés.
المديرة و رئيسة التحرير : الشاعرة والكاتبة لطيفة الغراس